رواية المنع عَلَى غير المميز، واحتج بعموم الْحَدِيث؛ ولأنه مسلم مميز، فصح أمانه، كالبالغ، وفارق المجنون، فإنه لا قول له أصلا. أفاده فِي "المغني" ١٣/ ٧٥ - ٧٦.
وَقَالَ فِي "الفتح" ٦/ ٤١٠ - : قَالَ ابن المنذر: أجمع أهل العلم عَلَى جواز أمان المرأة، إلا شيئا ذكره عبد الملك -يعني ابن الماجشون، صاحب مالك- لا أحفظ ذلك عن غيره، قَالَ: إن أمر الأمان إلى الإِمام، وتأول ما ورد مما يخالف ذلك، عَلَى قضايا خاصة، قَالَ ابن المنذر: وفي قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "يسعى بذمتهم أدناهم" دلالة عَلَى إغفال هَذَا القائل. انتهى. وجاء عن سحنون مثل قول ابن الماجشون، فَقَالَ: هو إلى الإِمام، إن أجازه جاز، وأن رده رد.
وأما العبد، فأجاز الجمهور أمانه، قاتل أو لم يقاتل. وَقَالَ أبو حنيفة: إن قاتل جاز أمانه، وإلا فلا. وَقَالَ سحنون: إذا أذن له سيده فِي القتال صح أمانه، وإلا فلا.
وأما الصبي، فَقَالَ ابن المنذر: أجمع أهل العلم عَلَى أن أمان الصبي غير جائز. قَالَ الحافظ: وكلام غيره يشعر بالتفرقة بين المراهق وغيره، وكذلك المميز الذي يعقل، والخلاف عن المالكية والحنابلة.
وأما المجنون، فلا يصح أمانه بلا خلاف، كالكافر، لكن قَالَ الأوزاعي: إن غزا الذمي مع المسلمين، فأمّن أحدًا، فإن شاء الإِمام أمضاه، وإلا فليرده إلى مأمنه. وحكى ابن المنذر عن الثوري، أنه استثنى منْ الرجال الأحرارِ الأسيرَ فِي أرض الحرب، فَقَالَ: لا ينفذ أمانه، وكذلك الأجير. انتهى "الفتح" ٦/ ٤١٠ - ٤١١.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الأرجح عندي جواز الأمان مطلقًا، منْ المرأة، والعبد، والصبيّ المميّز؛ لعموم النصّ. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه:"أبو بكر بن عليّ": هو أحمد بن عليّ بن سعيد بن إبراهيم المروزيّ القاضي، ثقة حافظ [١٢] ١/ ٢٠٩٤ منْ أفراد المصنّف. و"القواريريّ": هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة، أبو سعيد البصريّ، نزيل بغداد، ثقة ثبت [١٠] ٥٩/ ٢٣١١.
و"محمد بن عبد الواحد" بن أبي حَزْم الْقُطَعيّ -بضم القاف، وفتح المهملة- البصريّ صدوقٌ [٨].