للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَدْ بقي البحث فيما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، فأقول:

(مسألة): فِي اختلاف أهل العلم فِي قتل الرجل بالمرأة:

ذهب عامّة أهل العلم إلى أنه يُقتل الذكر بالأنثى، والأنثى بالذكر، وممن رُوي عنه النخعي، والشعبي، والزهري، وعمر بن عبد العزيز، ومالك، وأهل المدينة، والشافعي، وأحمد؛ وإسحاق، وأصحاب الرأي، وغيرهم.

ورُوي عن علي رضي الله عنه، أنه قَالَ: يُقتل الرجل بالمرأة، ويُعطَى أولياؤه نصف الدية، أخرجه سعيد بن منصور، وابن جرير فِي تفسيره، وروي مثل هَذَا عن أحمد، وحُكي ذلك عن الحسن، وعطاء، وحُكي عنهما مثل قول الجماعة، قَالَ الموفّق: ولعل منْ ذهب إلى القول الثاني، يَحتَجّ بقول علي رضي الله عنه؛ ولأن عقلها نصف عقله، فإذا قُتل بها بقي له بقية، فاستوفيت ممن قتله.

واحتجّ الجمهور بقوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥]، وقوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: ١٧٨]، مع عموم سائر النصوص، وَقَدْ ثبت أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَتَل يهوديا رَضّ رأس جارية منْ الأنصار، متّفقٌ عليه، ورَوَى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كتب إلى أهل اليمن بكتاب، فيه الفرائض، والأسنان، وأن الرجل، يُقتل بالمرأة، وسيأتي للنسائيّ فِي ٤٦/ ٤٨٥٥ - وهو كتاب مشهور، عند أهل العلم، مُتَلَقًّى بالقبول عندهم؛ ولأنهما شخصان يُحد كل واحد منهما بقذف صاحبه، فقُتل كل واحد منهما بالآخر، كالرجلين، ولا يجب مع القصاص شيء؛ لأنه قصاص واجب، فلم يجب معه شيء عَلَى المقتص، كسائر القصاص، واختلاف الأبدال لا عبرة به فِي القصاص، بدليل أن الجماعة يُقتلون بالواحد، والنصراني يؤخذ بالمجوسي، مع اختلاف ديتيهما، ويؤخذ العبد بالعبد مع اختلاف قيمتيهما. أفاده فِي "المغني" ١١/ ٥٠٠ - ٥٠١.

وَقَالَ الإِمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه" ٦/ ٢٥٢٤:

"باب القصاص بين الرجال والنساء فِي الجراحات"، وَقَالَ أهل العلم: يقتل الرجل بالمرأة، ويُذكر عن عمر تقاد المرأة منْ الرجل، فِي كل عمد يبلغ نفسه، فما دونها منْ الْجِرَاح، وبه قَالَ عمر بن عبد العزيز، وإبراهيم، وأبو الزناد عن أصحابه، وجَرَحت أخت الربيع إنسانا، فَقَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "القصاص". انتهى.

وَقَالَ فِي "الفتح": قَالَ ابن المنذر: أجمعوا عَلَى أن الرجل يقتل بالمرأة، والمرأة بالرجل، إلا رواية عن علي، وعن الحسن، وعطاء، وخالف الحنفية فيما دون النفس، واحتج بعضهم بأن اليد الصحيحة لا تقطع باليد الشلاء، بخلاف النفس، فإن النفس