قَالَ: سبحان الله، صدق الله ورسوله، فقلت لرجل منْ بني يشكر: انطلق بنا إلى أمير المؤمنين، حَتَّى نسأله عن قوله: صدق الله ورسوله، قَالَ: فانطلقنا إليه، فقلنا: يا أمير المؤمنين، رأيناك إذا شهدت مشهدا، أو هبطت واديا، أو أشرفت عَلَى أكمة، قلت: صدق الله ورسوله، فهل عهد رسول الله إليك شيئا فِي ذلك؟ قَالَ: فأعرض عنا، وألححنا عليه، فلما رأى ذلك، قَالَ: والله ما عهد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عهدا إلا شيئا عهده إلى النَّاس، ولكن النَّاس وقعوا عَلَى عثمان رضي الله عنه، فقتلوه، فكان غيري فيه أسوأ حالا وفعلا مني، ثم إني رأيت أني أحقهم بهذا الأمر، فوثبت عليه، فالله أعلم أصبنا، أم أخطأنا؟.
وفي إسناده علي بن زيد بن جُدْعان، والأكثرون عَلَى تضعيفه. والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: ضبط السيوطيّ رحمه الله تعالى فِي "شرحه" قوله: "تَفَشَّغَ" بأنه بالقاف، والشين المعجمة، والعين المهملة: أي تصدّع، وأقلع. انتهى. وردّه عليه السنديّ، ونصّه: وَقَدْ ذكر السيوطي هاهنا ما لا يناسب المقام، فليُتنبّه لذلك. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه اللفظة اختلفت فيها النسخ، ففي معظم نسخ "المجتبى": "تفشّغ"، بتقديم الفاء، وآخره غين معجمة، وفي بعضها:"تقشّع" بتقديم القاف، وآخره عين مهملة، كما هو عند السيوطيّ، وفي "الكبرى": "تشفّغ" بتقديم الشين عَلَى الفاء، وآخره غين معجمة.
والظاهر أن ما فِي معظم النسخ هو الصواب، كما أشار إليه السنديّ، فإنه الذي فِي "مسند أحمد"، كما سيأتي قريبًا، وأما ما وقع فِي "الكبرى" فالظاهر أنه تصحيف؛ لأني لم أجد مادة "شفغ" فِي "القاموس"، ولا فِي غيره منْ كتب اللغة التي بين يديّ، وغاية ما هنالك أنه يوجد فِي "اللسان""شفشغ" بالتكرار، ومعناه: أدخل الشيء، وأخرجه، أو بمعنى حرك اللجام فِي الفم، ولا يناسب هنا. والله تعالى أعلم.
وقوله:"مختصرٌ": أي هَذَا الْحَدِيث مختصر منْ الْحَدِيث الطويل، وَقَدْ ساقه الإِمام أحمد رحمه الله تعالى مطوّلاً فِي "مسنده"، فَقَالَ:
٩٦٢ - حدثنا بهز، حدثنا همام، أنبأنا قتادة، عن أبي حسان، أن عليا رضي الله عنه، كَانَ يأمر بالأمر، فيؤتى، فيقال: قد فعلنا كذا وكذا، فيقول: صدق الله ورسوله، قَالَ: فَقَالَ له الأشتر: إن هَذَا الذي تقول: قد تفشغ فِي النَّاس، أفشيء عهده إليك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ علي -رضي الله عنه-: ما عهد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا، خاصة دون النَّاس، إلا شيء سمعته منه، فهو فِي صحيفة، فِي قراب سيفي، قَالَ: فلم يزالوا به، حَتَّى أخرج الصحيفة، قَالَ: فإذا فيها: "منْ أحدث حدثا، أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله،