النَّاسِ إِلاَّ فِي صَحِيفَةٍ فِي قِرَابِ سَيْفِي، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ، حَتَّى أَخْرَجَ الصَّحِيفَةَ، فَإِذَا فِيهَا: "الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وَقَدْ تقدّموا.
و"همّام": هو ابن يحيى الْعَوْذيّ البصريّ. و"أبو حَسّان": هو مسلم بن عبد الله الأعرج الأجرد البصريّ، صدوق رُمي برأي الخوارج [٤] ١٤/ ٤٧٣.
وقوله: "ما عَهِدَ": بفتح العين المهملة، وكسر الهاء: أي ما أوصى إليّ، وما أمرني بشيء.
وقوله: "قراب سيفي": بكسر القاف: هو وعاء يكون فيه السيف بغِمْده، وحمائله.
وقوله: "تكافأ" بحذف إحدى التاءين، وأصله: تتكافأ: أي تتماثل، وتتشابه.
والحديث صحيحٌ، وَقَدْ تقدّم تمام شرحه، وبيان مسائله فِي ٩/ ٤٧٣٦ فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٤٧٤٨ - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الأَعْرَجِ، عَنِ الأَشْتَرِ، أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ تَفَشَّغَ بِهِمْ مَا يَسْمَعُونَ، فَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَهِدَ إِلَيْكَ عَهْدًا، فَحَدِّثْنَا بِهِ، قَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، عَهْدًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ، غَيْرَ أَنَّ فِي قِرَابِ سَيْفِي صَحِيفَةً، فَإِذَا فِيهَا: "الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ"، مُخْتَصَرٌ).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الإسناد تقدّم أول الباب، إلى "الحجّاج بن الحجّاج": وهو الباهليّ البصريّ الأحول، ثقة [٦] ٥٣/ ٦١٤. و"الأشتر": هو مالك بن الحارث النخعيّ الكوفيّ المخضرم [٢] ٩/ ٤٧٣٤.
وقوله: "قد تفشّغ بهم": بفاء وشين، وغين معجمتين: أي فشا، وانتشر فيهم ما يسمعون، أي منك، منْ كثرة "سبحان الله، صدق الله ورسوله"، فإنه -رضي الله عنه- كَانَ يُكثر ذلك، فزعم النَّاس أن عنده علمًا مخصوصًا به. قاله السنديّ.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ويحتمل أن يكون معنى قوله: "ما يسمعون": أي مما يتحدّث النَّاس بأن عند عليّ -رضي الله عنه- علمًا خصّه به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ويؤيّد الأول ما أخرجه أحمد فِي "مسنده" منْ طريق علي بن زيد، عن الحسن، عن قيس بن عُبَاد، قَالَ: كنا مع علي رضي الله عنه، فكان إذا شهد مشهدا، أو أشرف عَلَى أَكَمَة، أو هبط واديا،