للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبيه، قَالَ: لَمّا أُصيب عثمان أرادوا الصلاة عليه، فمُنِعوا، فَقَالَ أبو الجهم: دعوه، فقد صلى الله عليه ورسوله. وأخرج ابن أبي عاصم فِي "كتاب الحكماء" منْ طريق عبد الله ابن الوليد، عن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي الجهم، قَالَ: سمعت أبا الجهم يقول: لقد تَركتُ الخمر فِي الجاهلية، وما تركتها إلا خشية عَلَى عقلي، وما فيها منْ الفساد. وثبت ذكره فِي "الصحيحين" منْ طريق عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: صلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي خميصة لها أعلام، فَقَالَ: "اذهبوا بخميصتي هذه، إلى أبي جهم، وائتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي". وذكر الزبير منْ وجه آخر مرسلا: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أُتى بخميصتين سوداوين, فلبس إحداهما، وبعث الأخرى إلى أبي جهم، ثم إنه أرسل إلى أبي جهم فِي تلك الخميصة، وبعث إليه التي لبسها هو، ولبس هو التي كانت عند أبي جهم، بعد أن لبسها أبو جهم لبسات". وثبت ذكره فِي حديث فاطمة بنت قيس، لَمّا قالت: إن معاوية وأبا جهم خطباني: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه"، وقالوا: إنه كَانَ ضرابًا للنساء. وَقَالَ ابن سعد: كَانَ شديد العارضة، وكان عمر يمنعه حَتَّى كَفّ منْ لسانه. وأخرج ابن المبارك فِي "الزهد" منْ طريق عمر بن سعيد بن أبي حسين، حدثني ابن سابط وغيره: أن أبا جهم بن حذيفة، قَالَ: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمي، ومعي شَنَّة منْ ماء … فذكر القصة. قَالَ ابن سعد: مات فِي آخر خلافة معاوية.

قَالَ الحافظ: وما تقدم عن الزبير، أنه حضر بناء الكعبة، إن ثبت يدل عَلَى أنه تأخر إلى أول خلافة ابن الزبير، ويؤيده ما رواه ابن أخي الأصمعي فِي "النوادر" عن عمه، عن عيسى بن عمر، قَالَ: وفد أبو جهم عَلَى معاوية، ثم عَلَى يزيد، ثم ذكر قصة له مع ابن الزبير. انتهى منْ "الإصابة فِي تمييز الصحابة" ١١/ ٦٦ - ٦٧.

(مُصَدِّقًا) -بتخفيف الصاد، وتشديد الدال المهملتين-: اسم فاعل منْ "صَدَّق": إذا أخذ الصدقة، وأما الْمُصَّدِّق -بتشديد الصاد، والدال-: فهو معطي الصدقة، كما فِي قوله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} الآية، وأصله متصدِّقُ، فأدغمت التاء فِي الصاد. والمعنى هنا: أنه -صلى الله عليه وسلم- أرسل أبا جهم آخذًا منْ النَّاس صدقاتهم (فَلَاحاهُ رَجُلٌ) بالحاء المهملة، معتلّ الأخير، منْ الملاحاة، وهو المخاصمة، والمنازعة.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: وهذا الذي ذكرته منْ ضبط "فلاحاه" هو الذي فِي النسخة "الهنديّة"، وكذا فِي نسخة "مختصر المنذريّ" لأبي داود ٦/ ٣٣٣ - و"معالم السنن" للخطّابيّ ٦/ ٣٣٤، وَقَالَ: معناه: نازعه، وخاصمه، انتهى.