وتلاحى الرجلان: تشاتما, ولاحى فلانٌ فلانًا مُلاحاةً، ولِحاءً: إذا استقصى عليه. ويُحكى عن الأصمعيّ أنه قَالَ: الْمُلاحاةُ: الْمُلاومة، والْمُبَاغضة، ثم كثُر ذلك حَتَّى جُعلت كلُّ ممانعة، ومُدافعة مُلاحاةً، وأنشد:
ووقع فِي بعض النسخ:"فلاجّه" -بتشديد الجيم- منْ الملاجّة، وهي المخاصمة، والمنازعة: أي نازعه، وخاصمه، قَالَ فِي "اللسان": لَجَّ فِي الأمر: تمادى عليه، وأبى أن ينصرف عنه، قَالَ: والْمُلاجّة: التمادي فِي الخصومة. انتهى.
وأما ما وقع فِي بعض نسخ المجتبى"، و"الكبرى" بلفظ: "فلاحّه"، وضبطه السنديّ بتشديد الحاء المهملة- وَقَالَ: قريبٌ منه، أي منْ معنى الأول، فالظاهر أنه مصحّفٌ، منْ "فلاجّه" بالجيم، أو منْ "فلاحاه"، وليس معنى الإلحاح هنا مناسبًا.
والحاصل أن الصواب: "فلاحاه" -بتخفيف الحاء، معتلّ الأخير، منْ الملاحاة، أو "فلاجّه" بالجيم، ومعناهما: المنازعة، والمخاصمة، كما سبق، فتأمّل. والله تعالى أعلم.
(فِي صَدَقَتِهِ، فَضَرَبَهُ أَبُو جَهْمٍ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: الْقَوَدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ) يحتمل أن يكون بنصب "القود"، مفعولاً لفعل مقدّر: أي نطلب القودَ، ويحتمل أن يكون برفعه، خبرًا لمحذوف: أي مطلوبنا القودُ (فَقَالَ: "لَكُمْ كَذَا وَكَذَا) أي منْ المال، والمعنى: اتركوا القصاص، واعفوا عنه، فأنا أُعطيكم فِي مقابلة ترككم مبلغًا منْ المال (فَلَمْ يَرْضَوْا بِهِ) أي استقلالاً له (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لَكُمْ كَذَا وَكَذَا) أي أكثر منْ المبلغ الأول (فَرَضُوا بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنِّي خَاطِبٌ عَلَى النَّاسِ) منْ الخُطْبة بالضمّ، يقال: خطب القوم، وعليهم، منْ باب قتل خُطبةً: إذا وعظهم، وذكّرهم. وفي رواية أبي داود: "إني خاطب العشيّةَ عَلَى النَّاس" (وَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ"، قَالُوا: نَعَمْ، فَخَطَبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ:"إِنَّ هَؤُلَاءِ) مشيرًا إلى خصماء أبي جهم (أَتَوْنِي يُرِيدُونَ الْقَوَدَ) أي استيفاء القصاص منْ أبي جهم (فَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ كَذَا وَكَذَا فَرَضُوا"، قَالُوا: لَا) أي تراجعوا عن رضاهم، وأنكروا موافقتهم عَلَى المبلغ الثاني الذي عرَضه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عليهم، وهذا منهم