وله شاهد آخر عن أعرابيّ معه كتاب كتبه له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , فيه:"إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وفارقتم المشركين، وأعطيتم منْ الغنائم الخمس، وسهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والصفيّ"، وربما قَالَ:"وصفيّه، فأنتم آمنون بأمان الله، وأمان رسوله". أخرجه البيهقيّ ٦/ ٣٠٣ و٩/ ١٣ وأحمد ٥/ ٧٨ بسند صحيح عنه، وجهالة الصحابيّ لا تضرّ.
والحاصل أن الْحَدِيث صحيح؛ لهذه الشواهد.
وَقَدْ أجاد الشيخ الألباني رحمه الله تعالى البحث فيه فِي كتابه "إرواء الغليل" ٥/ ٢٩ - ٣٣ - فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٢٦/ ٤٧٨٢ - وفي "الكبرى" ٢٥/ ٦٩٨٢. وأخرجه (د) فِي "الجهاد" ٢٦٤٥ (ت) فِي "السير" ١٦٠٤. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): تحريم قتل منْ أظهر الإِسلام، وإن كَانَ بين الكفّار. (ومنها): أن منْ مات بفعل نفسه، وفعل غيره يعطى نصف الدية؛ لموته بجناية نفسه، وغيره. (ومنها): تحريم الإقامة فِي دار الحرب؛ إلا للضرورة. (ومنها): ما قاله الخطّابيّ رحمه الله تعالى: فيه دليلٌ عَلَى أنه إذا كَانَ أسيرًا فِي أيدي الكفّار، فأمكنه الخلاص، والانفلات منهم لم يحلّ له الْمُقام معهم، وإن حلّفوه، فحلف لهم أن لا يخرُج، كَانَ الواجب أن يخرج، إلا أنه إن كَانَ مُكرها عَلَى اليمين لم تلزمه الكفّارة، وإن كَانَ غير مكره، كانت عليه الكفّارة عن يمينه، وعلى الوجهين جميعًا، فعليه الاحتيال للخلاص، وَقَدْ قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "منْ حلف عَلَى يمين، فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خيرٌ، وليُكفّر عن يمينه". انتهى "معالم السنن" ٣/ ٤٣٦.
(ومنها): ما قاله بعضهم: فيه دلالة عَلَى كراهة دخول المسلم دار الحرب للتجارة، والمقام فيها أكثر منْ مدّة أربعة أيام. ذكره فِي "المعالم" ٣/ ٤٣٧.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: والظاهر أخذ التقدير بأربعة أيام منْ حديث السائب بن يزيد، عن العلاء بن الحضرميّ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا" متّفقٌ عليه، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ:"ثلاث للمهاجر بعد الصدر"، وتقدّم للمصنّف فِي "الصلاة" ٤/ ١٤٥٥. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.