جده، قَالَ: قلت: يا نبي الله ما أتيتك، حَتَّى حلفت أكثر منْ عددهن لأصابع يديه، ألا آتيك، ولا آتي دينك، وإني كنت امرأ، لا أعقل شيئا، إلا ما علمني الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وإني أسألك بوجه الله عَزَّ وَجَلَّ، بما بعثك ربك إلينا؟ قَالَ:"بالإِسلام"، قَالَ: قلت: وما آيات الإِسلام؟ قَالَ:"أن تقول: أسلمت وجهي إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، وتخليت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، كل مسلم عَلَى مسلم محرم، أخوان نصيران، لا يقبل الله عز وجل منْ مشرك، بعدما أسلم عملا، أو يفارق المشركين إلى المسلمين".
وَقَدْ ذكر أبو داود منْ حديث سمرة -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "منْ جامع المشرك، وسكن معه، فإنه مثله"، وسنده ضعيف. وفي "المراسيل" لأبي داود، عن مكحول، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تتركوا الذّرّيّة إزاء العدو". انتهى كلام ابن القيّم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث قيس بن أبي حازم رحمه الله تعالى هَذَا صحيح.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وهو مرسلٌ؛ لأن قيسًا تابعيّ؟.
[قلت]: الْحَدِيث روي متّصلاً، ومرسلاً، فقد أخرجه أبو داود، والترمذيّ، وغيرهما منْ طريق أبي معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله البجليّ -رضي الله عنه-، لكن خالف أبا معاوية هشيمٌ، وخالدًا الواسطيّ، وجماعةٌ فلم يذكروا جريرًا، لذا رجّح كثير منْ الحفّاظ إرسالهم عَلَى وصله.
لكن حصل له شواهد، فيصحّ بها، فقد أخرج المصنّف فِي "كتاب البيعة" ١٧/ ٤١٧٧ بسند صحيح، عن أبي نُخَيلة البجلي، قَالَ: قَالَ جرير -رضي الله عنه-: أتيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو يبايع، فقلت: يا رسول الله ابسط يدك، حَتَّى أبايعك، واشترط عليّ، فأنت أعلم، قَالَ:"أبايعك عَلَى أن تعبد الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتناصح المسلمين، وتفارق المشركين".
وأبو نُخيلة بالخاء المعجمة، مصغّرًا، وقيل: بالمهملة، جزم غير واحد بصحبته، كما بينه الحافظ فِي "الإصابة"
وله أيضًا شاهد آخر عند المصنّف ٧٣/ ٢٥٦٨ بإسناد صحيح، منْ حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه مطوّلاً، وفيه:"لا يقبل الله عَزَّ وَجَلَّ منْ مشرك، بعدما أسلم عملاً، أو يفارق المشركين إلى المسلمين"، وَقَدْ تقدّم قريبًا بطوله.