بلفظ:"إما أن يُعقل" بدل "إما أن يودي"، وهو بمعناه، والعقل الدية.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الْحَدِيث اختصره المصنّف رحمه الله تعالى هنا، وَقَدْ ساقه مطوّلاً فِي "كتاب العلم" منْ "الكبرى" ٣/ ٤٣٤ - ٤٣٤ رقم ٥٨٥٥ - فَقَالَ:
أنبأنا العبّاس بن الوليد بن مزيد، قَالَ: أخبرني أبي، قَالَ: حدثنا الأوزاعيّ.
وأنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَشْعَثَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ -وَهُوَ ابْنِ سَمَاعَةَ- قَالَ: حدثنا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ حدّثني يَحْيَى بن أبي كثير، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمّا فُتحت مكة، قتلت هُذيلٌ رجلاً، منْ بني ليث بقتيل لهم منْ الجاهلية، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقام، فَقَالَ:"إن الله حبس عن مكة الفيل، وسَلّط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لم تحل لأحد قبلي، ولن تحل لأحد بعدي، وإنما أُحلت لي ساعة منْ نهار، وإنها ساعتي هذه حرام، لا يُعضَد شجرها, ولا يُختلى شوكها, ولا يَلتَقِط ساقِطَتها إلا منشد، ومن قُتل له قتيل، فهو بخير النظرين: إما أن يُقاد، وإما يُفدَى"، فقام رجل منْ أهل اليمن، يقال له: أبو شاه، فَقَالَ: يا رسول الله اكتبوا لي، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اكتبوا لأبي شاه"، ثم قام العبّاس، فَقَالَ: يا رسول الله إلا الإذخر، فإنما نجعله فِي مساكننا وقبورنا، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إلا الإذخر".
وبنحوه ساقه البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "كتاب الديات" منْ "صحيحه"، فَقَالَ:
حدثنا أبو نعيم، حدثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن خزاعة قتلوا رجلاً -وَقَالَ عبد الله بن رجاء- حدثنا حرب، عن يحيى، حدثنا أبو سلمة، حدثنا أبو هريرة، أنه عام فتح مكة، قتلت خزاعة رجلاً، منْ بني ليث بقتيل لهم فِي الجاهلية، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ:"إن الله حبس عن مكة الفيل، وسَلّط عليهم رسوله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين، ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، ألا وإنما أحلت لي ساعة منْ نهار، ألا وإنها ساعتي هذه حرام، لا يُختَلى شوكها, ولا يُعضَد شجرها, ولا يَلتَقِط ساقِطَتها إلا منشد، ومن قُتل له قتيل، فهو بخير النظرين: إما يُودَى، وإما يُقاد"، فقام رجل منْ أهل اليمن، يقال له: أبو شاه، فَقَالَ: اكتب لي يا رسول الله، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اكتبوا لأبي شاه"، ثم قام رجل منْ قريش، فَقَالَ: يا رسول الله إلا الإذخر، فإنما نجعله فِي بيوتنا وقبورنا، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إلا الإذخر". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.