شبه العمد: هو أن يقصد ضربه بما لا يقتل غالبا، إما لقصد العدوان عليه، أو لقصد التأديب له، فيسرف فيه، كالضرب بالسوط، والعصا، والحجر الصغير، والوكز باليد، وسائر ما لا يقتل غالبا، إذا قَتَل فهو شبه عمد؛ لأنه قصد الضرب دون القتل، ويسمى عمد الخطأ، وخطإ العمد؛ لاجتماع العمد والخطإ فيه، فإنه عَمَدَ الفعلَ، وأخطأ فِي القتل.
وحكمه: أنه لا قود فيه، والدية عَلَى العاقلة، فِي قول أكثر أهل العلم، وجعله مالك عمدا، موجبا للقصاص، ولأنه ليس فِي كتاب الله إلا العمد والخطأ، فمن زاد قسما ثالثا زاد عَلَى النص، ولأنه قتله بفعل عَمَدَهُ فكان عمدا، كما لو غرزه بإبرة فقتله، وَقَالَ بعض الحنابلة: تجب الدية فِي مال القاتل، وهو قول ابن شبرمة؛ لأنه مُوجَبُ فِعلٍ عمدٍ، فكان فِي مال القاتل كسائر الجنايات.
وحجة الجمهور ما أخرجه الشيخان، والمصنف، وغيرهم، منْ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قَالَ: اقتتلت امرأتان منْ هُذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها، وما فِي بطنها، فقضى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن دية جنينها عبد، أو وليدة، وقضى بدية المرأة عَلَى عاقلتها". فقد أوجب ديتها عَلَى العاقلة، والعاقلة لا تحمل عمدا، وأيضا قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "ألا إن فِي قتيل خطإ العمد، قتيلِ السوط، والعصا، والحجر مائة منْ الإبل"، وفي لفظ: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "عقل شبه العمد مغلظ، مئل عقل العمد، ولا يُقتل صاحبه"، رواه أبو داود، وهذا نص فِي المسألة.
وأما قوله هَذَا قسم ثالث، فجوابه: نعم هو كذلك ثبت بالسنة، والقسمان الأولان ثبتا بالكتاب، ولأنه قتل لا يوجب القَوَدَ، فكانت ديته عَلَى العاقلة، كقتل الخطأ. أفاده فِي "المغني" ١١/ ٤٦٢ - ٤٦٣.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الحق ما ذهب إليه الجمهور منْ إثبات شبه العمد، وهو أن يقصد ضربه بما لا يقتل غالبا، كالسوط، والعصا، والحجر الصغير، وأنه لا قود فيه، وأن الدية واجبة عَلَى العاقلة؛ لما ذُكر منْ الأدلّة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): فِي تفسير الخطإ، وحكمه:
الخطأ عَلَى ضربين:[أحدهما]: أن يفعل فعلا، لا يريد به إصابة المقتول، فيصيبه ويقتله، مثل أن يرمي صيدا، أو هدفا، فيصيب إنسانا فيقتله، قَالَ ابن المنذر رحمه والله تعالى: أجمع كل منْ نَحفَظ عنه منْ أهل العلم، أن القتل الخطأ: أن يرمي الرامي شيئا،