للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطائي الْجُشَمي، منْ بني جُشَم بن معاوية، أحد ثقات الكوفيين.

قَالَ القرطبيّ: قد ذكر الدارقطنيّ فِي "سننه" حديث خشف بن مالك، منْ رواية حجاج بن أرطاة، عن زيد بن جُبير، عن خِشْف بن مالك، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، قَالَ: قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فِي دية الخطإ مائة منْ الإبل، منها عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنات لبون، وعشرون بنات مخاض، وعشرون بنو مخاض، قَالَ الدارقطنيّ: هَذَا حديث ضعيف، غير ثابت، عند أهل المعرفة بالحديث، منْ وجوه عدة: [أحدها]: أنه مخالف لما رواه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه بالسند الصحيح، عنه، الذي لا مطعن فيه، ولا تأويل عليه، وأبو عبيدة أعلم بحديث أبيه، وبمذهبه وفتياه، منْ خِشْف بن مالك، ونظرائه، وعبد الله بن مسعود أتقى لربه، وأشح عَلَى دينه، منْ أن يَروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه يقضي بقضاء، ويفتي هو بخلافه، هَذَا لا يتوهم مثله عَلَى عبد الله بن مسعود، وهو القائل فِي مسألةِ وردت عليه، لم يسمع فيها منْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا، ولم يبلغه عنه فيها قول: أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله ورسوله، وإن يكن خطأ فمني، ثم بلغه بعد ذلك أن فتياه فيها وافق قضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي مثلها، فرآه أصحابه عند ذلك فرح فرحا شديدا، لم يروه فرح مثله؛ لموافقة فتياه قضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمن كانت هذه صفته، وهذا حاله، فكيف يصح عنه أن يروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا، ويخالفه.

[ووجه آخر]: وهو أن الخبر المرفوع الذي فيه ذكر بني المخاض، لا نعلمه رواه إلا خشف بن مالك، عن ابن مسعود، وهو رجل مجهول، لم يروه عنه إلا زيد بن جبير بن حرمل الجشمي، وأهل العلم بالحديث، لا يحتجون بخبر ينفرد بروايته رجل غبر معروف، وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر، إذا كَانَ راويه عدلا مشهورا، أو رجلا قد ارتفع عنه اسم الجهالة، وارتفاع اسم الجهالة عنه أن يروى عنه رجلان فصاعدا، فإذا كانت هذه صفته، ارتفع عنه حينئذ اسم الجهالة، وصار حينئذ معروفا، فأما منْ لم يرو عنه إلا رجل واحد، وانفرد بخبر، وجب التوقف عن خبره ذلك، حَتَّى يوافقه عليه غيره، والله أعلم.

[ووجه آخر]: وهو أن حديث خشف بن مالك، لا نعلم أحدا رواه عن زيد بن جبير عنه إلا الحجاج بن أرطاة، والحجاج رجل مشهور بالتدليس، وبأنه يحدث عمن لم يلقه، ولم يسمع منه، وترك الرواية عنه سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد القطّان، وعيسى بن يونس، بعد أن جالسوه وخبروه، وكفاك بهم علما بالرجل ونبلا، وَقَالَ يحيى ابن معين: حجاج بن أرطاة لا يحتج بحديثه. وَقَالَ عبد الله بن إدريس: سمعت الحجاج