للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يقول: لا ينبل الرجل حَتَّى يدع الصلاة فِي الجماعة. وَقَالَ عيسى بن يونس: سمعت الحجاج يقول: أخرج إلى الصلاة يزاحمني الحمالون والبقالون. وَقَالَ جرير: سمعت الحجاج يقول: أهلكني حب المال والشرف.

وذكر أوجها أخر منها: أن جماعة منْ الثقات رووا هَذَا الْحَدِيث عن الحجاج بن أرطاة، فاختلفوا عليه فيه إلى غير ذلك مما يطول ذكره، وفيما ذكرناه مما ذكروه كفاية، ودلالة عَلَى ضعف ما ذهب إليه الكوفيون فِي الدية، وإن كَانَ ابن المنذر مع جلالته، قد اختاره عَلَى ما يأتي.

ورَوَى حماد بن سلمة، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي مِجْلَز، عن أبي عبيدة، أن ابن مسعود قَالَ: "دية الخطإ خمسة أخماس: عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنات مخاض، وعشرون بنات لبون، وعشرون بني لبون ذكور"، قَالَ الدارقطنيّ: هَذَا إسناد حسن، ورواته ثقات، وَقَدْ رُوي عن علقمة، عن عبد الله نحو هَذَا.

قَالَ القرطبيّ: وهذا هو مذهب مالك، والشافعي: أن الدية تكون مُخَمَّسة.

قَالَ الخطّابيّ: وَقَدْ رُوي عن نفر منْ العلماء، أنهم قالوا: دية الخطإ أرباع، وهم الشعبي، والنخعي، والحسن البصريّ، وإليه ذهب إسحاق بن راهويه، إلا أنهم قالوا: خمس وعشرون جذعة، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون بنات لبون، وخمس وعشرون بنات مخاض، وَقَدْ رُوي ذلك عن علي بن أبي طالب.

قَالَ أبو عمر: أما قول مالك، والشافعي، فرُوي عن سليمان بن يسار، وليس فيه عن صحابي شيء، ولكن عليه عمل أهل المدينة، وكذلك حَكَى ابن جريج، عن ابن شهاب. قَالَ القرطبيّ: قد ذكرنا عن ابن مسعود ما يوافق ما صار إليه مالك، والشافعي.

قَالَ أبو عمر: وأسنان الإبل فِي الديات، لم تؤخذ قياسا، ولا نظرا، وإنما أخذت اتّباعا وتسليما، وما أُخذ منْ جهة الأثر، فلا مدخل فيه للنظر، فكلٌّ يقول بما قد صح عنده منْ سدفه رضي الله عنهم أجمعين.

قَالَ القرطبيّ: وأما ما حكاه الخطّابيّ، منْ أنه لا يعلم منْ قَالَ بحديث عمرو بن شعيب، فقد حكاه ابن المنذر، عن طاوس، ومجاهد، إلا أن مجاهدا جعل مكان بنت مخاض ثلاثين جذعة، قَالَ ابن المنذر وبالقول الأول أقول، يريد قول عبد الله، وأصحاب الرأي الذي ضعفه الدارقطنيّ، والخطابي، وابن عبد البر، قَالَ: لأنه الأقل مما قيل، وبحديث مرفوع رويناه عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، يوافق هَذَا القول.

قَالَ القرطبيّ: واعجبًا لابن المنذر، مع نقده، واجتهاده، كيف قَالَ بحديث لم يوافقه أهل النقد طى صحته، لكن الذهول والنسيان، قد يعتري الإنسان، وإنما الكمال