للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحد، فيكون ما ذكرنا مُفَسِّرًا لما ذكروه، مُخَصِّصًا له، ودية نساء كل أهل دين عَلَى النصف منْ دية رجالهم. انتهى.

وَقَالَ أبو عبد الله القرطبيّ رحمه الله تعالى: قَالَ أبو عمر: إنما صارت ديتها -والله أعلم- عَلَى النصف منْ دية الرجل منْ أجل أن لها نصف ميراث الرجل، وشهادة امرأتين بشهادة رجل، وهذا إنما فِي دية الخطإ، وأما العمد ففيه القصاص بين الرجال والنساء؛ لقوله عز وجل: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} , وقوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ}. انتهى "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ٣٢٥ وهو بحث نفيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي دية جراح المرأة:

قَالَ الموفّق رحمه الله تعالى: وتُساوي جراح المرأة جراح الرجل إلى ثلث الدية، فإن جاوز الثلث فعلى النصف، ورُوي هَذَا عن عمر، وابن عمر، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم-, وبه قَالَ سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، والزهري، وقتادة، والأعرج، وربيعة، ومالك. قَالَ ابن عبد البرّ: وهو قول فقهاء المدينة السبعة، وجمهور أهل المدينة، وحُكي عن الشافعيّ فِي القديم.

وَقَالَ الحسن: يستويان إلى النصف، ورُوي عن علي رضي الله عنه: أنها عَلَى النصف فيما قَلّ، وكثر، ورُوي ذلك عن ابن سيرين، وبه قَالَ الثوري، والليث، وابن أبي ليلى، وابن شُبْرُمة، وأبو حنيفة، وأصحابه، وأبو ثور، والشافعي فِي ظاهر مذهبه، واختاره ابن المنذر؛ لأنهما شخصان تختلف ديتهما، فاختلف أرش أطرافهما، كالمسلم والكافر، ولأنها جناية لها أرش مُقَدَّر، فكان منْ المرأة عَلَى النصف منْ الرجُلِ، كاليد، ورُوي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قَالَ: تُعاقلُ المرأة الرجل إلى نصف عشر الدية، فإذا زاد عَلَى ذلك، فهي عَلَى النصف؛ لأنها تساويه فِي الموضحة.

واحتجّ الأولون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده -رضي الله عنه- المذكور فِي هَذَا الباب، قَالَ الموفّق: وهو نص، يقدم عَلَى ما سواه.

وَقَالَ ربيعة: قلت لسعيد بن المسيب: كم فِي أصبع المرأة؟ قَالَ: عشر، قلت: ففي أصبعين؟ قَالَ: عشرون، قلت: ففي ثلاث أصابع؟ قَالَ: ثلاثون، قلت: ففي أربع؟ قَالَ: عشرون، قَالَ: قلت: لَمّا عَظُمت مصيبتها قَلَّ عقلها؟ قَالَ: هكذا السنة يا ابن أخي، وهذا مقتضى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رواه سعيد بن منصور، ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم، إذ لم ينقل عنهم خلاف ذلك، إلا عن علي، ولا نعلم ثبوت ذلك عنه، ولأن ما دون الثلث يستوي فيه الذكر والأنثى، بدليل الجنين، فإنه