للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والسبابة، أو عَلَى ظاهر الوسطى، وباطن الإبهام. وَقَالَ ابن فارس: خذفت الحصاة: رميتها بين إصبعين. وقيل فِي حصى الخذف: أن يَجعل الحصاة بين السبابة منْ اليمني، والإبهام منْ اليسرى، ثم يَقذِفها بالسبابة منْ اليمين. وَقَالَ ابن سِيدَهْ: خَذَف بالشيء يَخذِف، فارسي وخَصّ بعضهم به الحصي، قالى: والْمِخْذَفة: التي يوضع فيها الحجر، ويُرمى بها الطير، ويطلق عَلَى الْمِقْلاع أيضا. قاله فِي "الصحاح".

(فَقَالَ) أي عبد الله بن مغفّل -رضي الله عنه- (لَا تَخْذِفْ) "لا" ناهية، والفعل بعدها مجزوم (فَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ يَنْهَى عَنِ الْخَذْفِ، أَوْ يَكرَهُ الْخَذْفَ) "أو" للشكّ منْ الراوي، وهو كهمس بن الحسن، كما بيّنه بقوله: (شَكَّ كَهْمَسٌ) يعني أن كهمسًا شك فِي روايته، هل هو بلفظ "نهى عن الخذف"، أو بلفظ: "يكره الخذف"، ولفظ البخاريّ: "أو كَانَ يكره الخذف". ووقع فِي رواية أحمد عن وكيع: "نهى عن الخذف"، بدون شك.

[تنبيه]: رواية المصنّف رحمه الله تعالى هذه مختصرة، وَقَدْ ساقه البخاريّ فِي "صحيحه": ٥/ ٢٠٨٨ مطوّلاً، فَقَالَ: -حدثنا يوسف بن راشد، حدثنا وكيع، ويزيد ابن هارون -واللفظ ليزيد- عن كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله ابن مغفل، أنه رأى رجلا يخذف، فقال له: لا تخذف، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نهى عن الخذف، أو كَانَ يكره الخذف، وَقَالَ: "إنه لا يُصاد به صيد، ولا يُنكى به عدوّ، ولكنها قد تكسر السن، وتَفقأ العين"، ثم رآه بعد ذلك يخذف، فقال له، أحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه نهى عن الخذف، أو كره الخذف، وأنت تخذف، لا أكلمك كذا وكذا".

وقوله: أنه لا يصاد به صيد": قالى المهلب: أباح والله الصيد عَلَى صفة، فَقَالَ: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ}، وليس الرمي بالبندقة، ونحوها منْ ذلك، وإنما هو وَقِيذ، وأطلق الشارع أن الخذف لا يصاد به؛ لأنه ليس منْ الْمُجْهِزَات، وَقَدْ اتفق العلماء، إلا منْ شَذَّ منهم، عَلَى تحريم أكل ما قتلته البندقة والحجر. انتهى. وإنما كَانَ كذلك؛ لأنه يقتل الصيد بقوة راميه لا بحده.

موقوله: "ولا يُنكأ به عدو": قَالَ عياض: الرواية بفتح الكاف وبهمزة فِي آخره، وهي لغة، والاشهر بكسر الكاف، بغير همز، وقالى فِي "شرح مسلم": لا ينكأ بفتح الكاف مهموز، ورُوي "لا يَنكى" بكسر الكاف، وسكون التحتانية، وهو أوجه؛ لأن المهموز إنما هو منْ نكأت القُرْحة، وليس هَذَا موضعه، فإنه منْ النّكاية، لكن قَالَ فِي "العين": نكأت لغة فِي نكيت، فعلى هَذَا تتوجه هذه الرواية، قال: ومعناه: المبالغة فِي الأذى. وقال ابن سِيدَهْ: نكأ العدوَّ نكايةً: أصاب منه، ثم قَالَ: نكأت العدو أنكؤهم، لغة فِي نكيتهم، فظهر أن الرواية صحيحة المعنى، ولا معنى لتخطئتها. وأغرب ابن التين، فلم يُعَرِّج عَلَى الرواية التي بالهمز أصلا، بل شرحه عَلَى التي بكسر الكاف بغير