للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حنيفة، وَقَالَ بعضهم: لا يقبل فيها منْ له دون سبع سنين، وهو مرويّ عن أصحاب الشافعيّ، وبعض الحنابلة؛ لأنه يحتاج إلى منْ يكفله له، ويحضنه، وليس منْ الخيار، وذكر بعض أصحاب الشافعيّ، أنه لا يقبل فيها غلام بلغ خمسة عِشر سنة؛ لأنه لا يدخل عَلَى النِّساء، ولا ابنة عشرين؛ لأنها تتغير، قَالَ الموفق: وهذا تَحَكُّم لم يرد الشرع به، فيجب أن لا يُقبَل، وما ذكروه منْ الحاجة إلى الكفالة باطل بمن له فوق السبع، ولأن بلوغه قيمة الكبير مع صغره، يدل عَلَى أنه خيار، ولم يشهد لما ذكروه نَصٌّ، ولا له نظير يقاس عليه، والشاب البالغ أكمل منْ الصبي عقلاً وبِنْيَةً، وأقدر عَلَى التصرف، وأنفع فِي الخدمة، وقضاء الحاجة، وكونُه لا يدخل عَلَى النِّساء، إن أريد به النِّساء الأجنبيات، فلا حاجة إلى دخوله عليهن، وإن أريد به سيدته فليس بصحيح؛ فإن الله تعالى قَالَ: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} إلى قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النور: ٥٨]، ثم لو لم يدخل عَلَى النِّساء لحصل منْ نفعه أضعاف ما يحصل منْ دخوله، وفوات شيء إلى ما هو أنفع منه لا يعد فواتا، كمن اشترى بدرهم ما يساوي عشرة، لا يعد فواتا، ولا خسرانا.

ولا يعتبر لون الغرة؛ ولأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قضى بعبد، أو أمة وأطلق، مع غلبة السواد عَلَى عبيدهم وإمائهم، ولأنه حيوان يجب ديةً فلم يعتبر لونه، كالإبل فِي الدية.

وذُكر عن أبي عمرو بن العلاء: أن الغرة لا تكون إلا بيضاء، ولا يقبل عبد أسود، ولا جارية سوداء. انتهى "المغني" بتصرّف، واختصار ١٢/ ٦٤ - ٦٦ وهو بحث نفيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): قَالَ الموفّق رحمه الله تعالى: ما حاصله: قيمة الغرة نصف عشر الدية، وهي خمس منْ الإبل، وروي ذلك عن عمر، وزيد رضي الله عنهما، وبه قَالَ النخعي، والشعبي، وربيعة، وقتادة، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، ولأن ذلك أقل ما قدره الشرع فِي الجنايات، وهو أرش الموضحة، ودية السن فرددناه إليه.

[فإن قيل]: فقد وجب فِي الأنملة ثلاثة أبعرة وثلث، وذلك دون ما ذكرتموه.

[قلنا]: الذي نص عليه صاحب الشريعة غرةً، قيمتها أرش الموضحة، وهو خمس منْ الإبل. انتهى "المغني" ١٢/ ٦٦ باختصار. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): فِي اختلاف أهل العلم فِي حكم الغرة، هل يورث، أم لا؟:

ذهبت طائفة إلى أن الغرة موروثة عن الجنين، كأنه سقط حيا؛ لأنها دية له، وبدل