للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنه، فيرثها ورثته كما لو قتل بعد الولادة، وبهذا قَالَ مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي.

وذهب الليث إلى أنه لا يورث، بل يكون بدلُهُ لأمه؛ لأنه كعضو منْ أعضائها، فأشبه يدها.

وحجة الأولين أنها دية آدمي حر، فوجب أن تكون موروثة عنه، كما لو ولدته حيا، ثم مات، وقوله: إنه عضو منْ أعضائها لا يصح؛ لأنه لو كَانَ عضوا لدخل بدلُهُ فِي دية أمه كيدها، ولَمَا مُنِع القصاص منْ أمه، وإقامة الحد عليها منْ أجله، ولما وجبت الكفارة بقتله، ولما صَحّ عتقه دونها، ولا عتقها دونه، ولا تَصَوُّرُ حياتِهِ بعد موتها، ولأن كل نفس تضمن بالدية، تورث كدية الحي. انتهى "المغني" ١٢/ ٦٧ بتصرّف، واختصار. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): فيما قاله أهل العلم فيما إذا كَانَ الجنين أكثر منْ واحد:

قَالَ الموفّق رحمه الله تعالى: إذا ضرب بطن امرأة، فألقت أجنة، ففي كل واحدة غرة، وبهذا قَالَ الزهريّ، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وابن المنذر، قَالَ: ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم، وذلك لأنه ضمان آدمي، فتعدد بتعدده كالديات، وإن ألقتهم أحياء، فِي وقت يعيشون فِي مثله، ثم ماتوا ففي كل واحدة دية كاملة، وإن كَانَ بعضهم حيا فمات، وبعضهم ميتا ففي الحي دية، وفي الميت غرة. قاله فِي "المغني" وهو بحث نفيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة العاشرة): فِي اختلاف أهل العلم، هل تتحمل العاقلة دية الجنين، أم لا؟:

قَالَ الموفّق أيضًا: وتحمل العاقلة دية الجنين، إذا مات مع أمه، نَصَّ عليه أحمد، اذا كانت الجناية عليها خطأ، أو شبه عمد؛ لما رَوَى المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قضى فِي الجنين بغرة عبد، أو أمة، على عصبة القاتلة"، وإن كَانَ قتل الأم عمدا، أو مات الجنين وحده لم تحمله العاقلة.

وَقَالَ الشافعيّ: تحمله العاقلة عَلَى كل حال، بناء عَلَى قوله: إن العاقلة تحمل القليل والكثير، والجناية عَلَى الجنين ليست تعمد؛ لأنه لا يتحقق وجوده، ليكون مقصودا بالضرب.

قَالَ: ولنا أن العاقلة لا تحمل ما دون الثلث، عَلَى ما ذكرناه، وهذا دون الثلث، وإذا مات وحده، أو منْ جناية عمد فدية أمه عَلَى قاتلها، فكذلك ديته؛ لأن الجناية لا يحمل بعض ديتها الجاني، وبعضها غيره، فيكون الجميع عَلَى القاتل، كما لو قطع عمدا، فسرت الجناية إلى النفس. انتهى.