الْحَدِيث، فليس منْ هَذَا؛ لأنه لا يعارض به حكم الشرع، ولا يتكلفه، فلا نهى فيه، بل هو حسن، ويؤيد ما ذكرنا منْ التأويل، قوله -صلى الله عليه وسلم-: "كسجع الأعراب"، فأشار إلى أن بعض السجع هو المذموم. والله أعلم. انتهى "شرح مسلم" ١١/ ١٧٨.
وَقَالَ فِي "الفتح" -عند قوله:"فَقَالَ حمل بن النابغة الخ"-: وفي رواية عبد الرحمن ابن خالد: "فَقَالَ ولي المرأة التي غُرِّمت: كيف أغرم يا رسول الله، منْ لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، فمثل ذلك يُطَلّ، فَقَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: إنما هَذَا منْ إخوان الكهان"، وفي مرسل سعيد بن المسيب عند مالك:"قضى فِي الجنين يُقتَل فِي بطن أمه، بغرة: عبد، أو وليدة"، وفي رواية الليث، منْ طريق سعيد، الموصولة نحوه عند الترمذيّ، ولكن قَالَ:"إن هَذَا ليقول بقول شاعر، بل فيه غرة"، وفيه:"ثم إن المرأة التي قضي عليها بالغرة توفيت، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل عَلَى عصبتها"، وفي رواية عكرمة، عن ابن عباس:"فَقَالَ عمها: إنها قد أسقطت غلاما، قد نبت شعره، فَقَالَ أبو القاتلة: إنه كاذب، إنه والله ما استهل، ولا شرب ولا أكل، فمثله يُطَلّ، فَقَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: أسجع كسجع الجاهلية، وكهانتها؟ "، وفي رواية عُبيد بن نُضَيلة، عن المغيرة -رضي الله عنه-: "فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دية المقتولة عَلَى عصبة القاتلة، وغرّةً لما فيه بطنها، فَقَالَ رجل منْ عصبة القاتلة: أنغرم منْ لا أكل"، وفي آخره:"أسجع كسجع الأعراب، وجعل عليهم الدية"، وفي حديث عويم، عند الطبراني:"فَقَالَ أخوها، العلاء بن مسروح: يا رسول الله، أنغرم منْ لا شرب، ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، فمثل هَذَا يطل، فَقَالَ: أسجع كسجع الجاهلية"، ونحوه عند أبي يعلى، منْ حديث جابر، لكن قَالَ:"فقالت عاقلة القاتلة"، وعند البيهقي، منْ حديث أسامة بن عمير:"فَقَالَ أبوها: إنما يعقلها بنوها، فاختصموا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: الدية عَلَى العصبة، وفي الجنين غرة، فَقَالَ: ما وُضع فحل، ولا صاح فاستهل، فأبطله فمثله يطل".
قَالَ الحافظ: وبهذا يجمع الاختلاف، فيكون كل منْ أبيها وأخيها وزوجها قالوا ذلك؛ لأنهم كلهم منْ عصبتها، بخلاف المقتولة، فان فِي حديث أسامة بن عمير أن المقتولة عامرية، والقاتلة هذلية، ووقع فِي رواية أسامة، فَقَالَ:"دعني منْ أراجيز الأعراب"، وفي لفظ:"أسجاعة بك؟ "، وفي آخر:"أسجع كسجع الجاهلية؟، قيل: يا رسول الله، إنه شاعر"، وفي لفظ:"لسنا منْ أساجيع الجاهلية فِي شيء"، وفيه: فَقَالَ: إن لها ولدا هم سادة الحي، وهم أحق أن يعقلوا عن أمهم، قَالَ: بل أنت أحق أن تعقل عن أختك منْ ولدها، فَقَالَ مالي شيء: قَالَ حمل: وهو يومئذ عَلَى صدقات هذيل،