للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): فِي فوائده (١):

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان وجوب دية جنين المرأة، إذا سقط ميتًا.

قَالَ الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: الْحَدِيث أصل فِي إثبات دية الجنين، وأن الواجب فيه غرة، إما عبد، وإما أمة، وذلك إذا ألقته ميتا بسبب الجناية، وتَصَرَّف الفقهاءُ بالتقييد فِي سن الغرة، وليس ذلك منْ مقتضى الْحَدِيث، كما تقدم. (ومنها): أن فِي استشارة عمر -رضي الله عنه- فِي ذلك أصل فِي سؤال الإمام عن الحكم، إذا كَانَ لا يعلمه، أو كَانَ عنده شك، أو أراد الاستثبات. (ومنها): أن فيه أن الوقائع الخاصة قد تَخفَى عَلَى الأكابر، ويعلمها منْ دونهم، وفي ذلك رَد عَلَى المقلد، إذا استُدِلَّ عليه بخبر يخالفه، فيُجِيب لو كَانَ صحيحا لعلمه فلان مثلا، فان ذلك إذا جاز خفاؤه عن مثل عمر -رضي الله عنه-، فخفاؤه عن منْ بعده أجوز.

(ومنها): أنه قد تعلق بقول عمر -رضي الله عنه- لتأتين بمن يشهد معك، مَن يَرَى اعتبار العدد فِي الرواية، ويَشتَرِط أنه لا يُقبل أقل منْ اثنين، كما فِي غالب الشهادات، وهو ضعيف، كما قَالَ ابن دقيق العيد، فإنه قد ثبت قبول الفرد فِي عدة مواطن، وطلب العدد فِي صورة جزئية، لا يدل عَلَى اعتباره فِي كل واقعة؛ لجواز المانع الخاص بتلك الصورة، أو وجود سبب يقتضي التثبت، وزيادةَ الاستظهار، ولاسيما إذا قامت قرينة، وقريب منْ هَذَا قصة عمر -رضي الله عنه- مع أبي موسى -رضي الله عنه- فِي الاستئذان، وَقَدْ صرح عمر -رضي الله عنه- فِي قصة أبي موسى -رضي الله عنه- بأنه أراد الاستثبات.

(ومنها): أن قوله: "فِي إملاص المرأة" أصرح فِي وجوب الانفصال ميتا، منْ قوله فِي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "قضى فِي الجنين"، وَقَدْ شرط الفقهاء فِي وجوب الغرة انفصال الجنين ميتا بسبب الجناية، فلو انفصل حيا، ثم مات وجب فيه القوَدُ، أو الدية كاملة، ولو ماتت الأم، ولم ينفصل الجنين، لم يجب شيء عند الشافعيّة؛ لعدم تيقن وجود الجنين، وعلى هَذَا هل المعتبر نفس الانفصال، أو تحقق حصول الجنين، فيه وجهان: أصحهما الثاني، ويظهر أثره فيما لو قُدَّت نصفين، أو شق بطنها، فشوهد الجنين، وأما (٢) إذا خرج رأس الجنين مثلا بعدما ضرب، وماتت الأم، ولم ينفصل.

قَالَ ابن دقيق العيد: ويحتاج منْ قَالَ ذلك إلى تأويل الرواية، وحملها عَلَى أنه


(١) ليس المراد فوائد سياق المصنّف فقط، بل ما يعمّ الروايات التي أوردتها فِي الشرح، فتنبّه.
(٢) هكذا نسخة "الفتح"، والظاهر أنه معطوف عَلَى ما قبله، وأن نصه هكذا: أو خرج رأس الجنين الخ، فليُحرّر، والله تعالى أعلم.