للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اسْتَهَلّ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الأَعْرَابِ، فَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الدِّيَةَ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "محمد بن قُدامة": هو ابن أعين الهاشميّ مولاهم الْمِصّيصيّ، ثقة [١٠] ١٩/ ٥٢٨ منْ أفراد المصنّف، وأبي داود. و"جرير": هو ابن عبد الحميد. و"منصور": هو ابن العتمر. و"إبراهيم": هو ابن يزيد النخعيّ.

وقوله: "فَقَالَ رجل الخ": تقدّم فِي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه حمل بن مالك -رضي الله عنه-.

وقوله: "أنغرم" يحتمل أن يكون بفتح الراء، مضارع غَرِم، يقال: غَرِمتُ الدينَ، وغيره أغرَمُ، منْ باب تعِبَ، غُرْمًا بالضم، ومَغْرمًا بالفتح، وغَرامة بالفتح أيضًا: إذا أدّته، ويحتمل أن يكون بتشديدها، مبنيًّا للمفعول.

والحديث متّفقٌ عليه، وتقدّم شرحه، وبيان مسائله فِي الْحَدِيث الذي قبله، وَقَدْ سبق آنفاً أن استدلال المصنّف به عَلَى ما ترجم له هنا صحيح، بخلاف استدلاله به عَلَى سبق له فِي باب ١١/ ٤٧٤١ - "قتل المرأة بالمرأة"، وذلك أن الْحَدِيث فيه بيان صفة شبه العمد، وأن ديته، ودية الجنين عَلَى عصبة القاتلة.

قَالَ الإمام ابن بطّال رحمه الله تعالى فِي "شرح البخاريّ": وفي هَذَا الْحَدِيث حجة لمن أوجب دية شبه العمد عَلَى العاقلة، وهو قول الثوريّ، والكوفيين، والشافعيّ، قالوا: منْ قتل إنسانًا بعصًى، أو حجر، أو شبهه، مما يمكن أن يموت به القتيل، ويمكن ألا يموت، فمات منْ ذلك أن فيه الدية عَلَى عاقلة القاتل، كما حكم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي هَذَا القضيّة بدية المرأة عَلَى عاقلة القاتلة، قالوا: وهذا شبه العمد، والدية مغلّظة، ولا قَوَد فيه.

وأنكر مالك، والليث شبه العمد، وَقَالَ مالك: هو باطلٌ، فكلّ ما عُمد به القتل، فهو عمدٌ، وفيه القوَد، والحجة لهم ما روى أبو عاصم النبيل، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عبّاس، عن عمر -رضي الله عنهم-: أنه نشد النَّاس ما قضى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي الجنين، فقام حمل بن مالك -رضي الله عنه-، فَقَالَ: كنت بين امرأتين، فضربت إحداهما الأخرى بمِسطَح، فقتلتها، وجنينها، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي جنينها بغرّة، وأن تُقتل المرأة". قالوا: وهذا مذهب عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-، روي عنه أنه قَالَ: يعمد أحدكم، فيضرب أخاه بمثل أكلة اللحم -قَالَ الحجاج-: يعني العصا، ثم يقول: لا قود عليّ، لا أوتى بأحد فعل ذلك، إلا أقدته.

قَالَ ابن بطّال: فسألت بعض شيوخي عن حديث ابن جريج، عن عمرو بن دينار،