للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(د) فِي "الديات" ٤٥٦٣. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي دية الأسنان:

قَالَ الموفّق رحمه الله تعالى: لا نعلم بين أهل العلم خلافا، فِي أن دية الأسنان خمس خمس، فِي كل سن، وَقَدْ رُوي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، ومعاوية، وسعيد بن المسيب، وعروة، وعطاء، وطاوس، والزهري، وقتادة، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، وفي كتاب عمرو ابن حزم، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "فِي السن خمس منْ الإبل"، رواه النسائيّ ٤٦/ ٤٨٥٥، وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "فِي الأسنان خمس خمس"، رواه أبو داود، والنسائيّ.

فأما الأضراس والأنياب، فأكثر أهل العلم عَلَى أنها مثل الأسنان، منهم: عروة، وطاوس، وقتادة، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة، ومحمد بن الحسن، ورُوي ذلك عن ابن عباس، ومعاوية. ورُوي عن عمر رضي الله عنه أنه قضى فِي الأضراس ببعير بعير. وعن سعيد بن المسيب، أنه قَالَ: لو كنت أنا لجعلت فِي الأضراس بعيرين بعيرين، فتلك الدية سواء، ورَوَى ذلك مالك فِي "موطائه" ٢/ ٨٦١، وعن عطاء نحوه، وحُكي عن أحمد رواية أن فِي جميع الأسنان، والأضراس الدية، فيتعين حمل هذه الرواية عَلَى مثل قول سعيد؛ للإجماع عَلَى أن فِي كل سن خمسا منْ الإبل، وورد الْحَدِيث به، فيكون فِي الأسنان ستون بعيرا؛ لأن فيه اثني عشر سنا، أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربعة أنياب، فيها خمس، وفيه عشرون ضرسا، فِي كل جانب عشرة، خمسة منْ فوق، وخمسة منْ أسفل، فيكون فيها أربعون بعيرا، فِي كل ضرس بعيران، فتكمل الدية.

وحجة منْ قَالَ هَذَا أنه ذو عدد، يجب فيه الدية، فلم تزد ديته عَلَى دية الإنسان، كالأصابع، والأجفان، وسائر ما فِي البدن، ولأنها تشتمل عَلَى منفعة جنس، فلم تزد ديتها عَلَى الدية، كسائر منافع الجنس، ولأن الأضراس تختص بالمنفعة دون الجمال، والأسنان فيها منفعة وجمال، فاختلفا فِي الأرش.

قَالَ: ولنا ما رَوَى أبو داود بإسناده، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الأصابع سواء، والأسنان سواء، الثنية والضرس سواء، هذه وهذه سواء"، وهذا نصٌّ، وقوله فِي الأحاديث المتقدمة: "فِي الأسنان خمس خمس"، ولم يُفَصِّل، يدخل فِي عمومها الأضراس؛ لأنها أسنان، ولأن كل دية وجبت فِي جملة، كانت مقسومة عَلَى العدد، دون المنافع، كالأصابع، والأجفان، والشفتين، وَقَدْ أومأ ابن