ابن عباس، قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هذه وهذه سواء"، يعني الإبهام والخنصر، أخرجه البخاريّ، وأبو داود، والنسائي، وفي كتاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم:"وفي كل إصبع منْ أصابع اليدين والرجلين عشر منْ الإبل"، ولأنه جنسٌ ذو عدد، تجب فيه الدية، فكان سواء فِي الدية، كالأسنان، والأجفان، وسائر الأعضاء، ودية كل أصبع مقسومة عَلَى أناملها.
وفي كل أصبع ثلاث أنامل، إلا الإبهام فإنها أنملتان، ففي كل أنملة منْ غير الإبهام ثلث عقل الإبهام، ثلاثة أبعرة وثلث، وفي كل أنملة منْ الإبهام خمس منْ الإبل نصف ديتها.
وحكي عن مالك أنه قَالَ: الإبهام أيضا ثلاث أنامل: [إحداها]: باطنة، وليس هَذَا بصحيح، فإن الاعتبار بالظاهر، فإن قوله عليه السلام:"فِي كل أصبع عشر منْ الإبل"، يقتضي وجوب العشر فِي الظاهر؛ لأنها هي الأصبع التي يقع عليها الاسم، دون ما بطن منها، كما أن السن التي يتعلق بها وجوب ديتها، هي الظاهرة منْ لحم اللثة، دون سِنْخها، والحكم فِي أصابع اليدين والرجلين سواء؛ لعموم الخبر فيهما، وحصول الاتفاق عليهما. انتهى "المغني" ١٢/ ١٤٩ - ١٥٠.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الموفّق منْ تقرير مذهب الجمهور عندي هو الصواب؛ لظهور أدلته. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي دية الأصبع الزائدة:
قَالَ ابن قُدامة رحمه الله تعالى: فِي الأصبع الزائدة حكومة، وبذلك قَالَ الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، وعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أن فيها ثلث دية الأصبع، وذكر القاضي أنه قياس المذهب، عَلَى رواية إيجاب الثلث فِي اليد الشلاء، والأول أصح؛ لأن التقدير لا يصار إليه إلا بالتوقيف، أو بمماثلته لما فيه توقيف، وليس ذلك هاهنا؛ لأن اليد الشلاء، يحصل بها الجمال، والأصبع الزائدة لا جمال فيها فِي الغالب، ولأن جمال اليد الشلاء، لا يكاد يختلف، والأصبع الزائد تختلف باختلاف محالها، وصفتها، وحُسنها، وقبحها، فكيف يصح قياسها عَلَى اليد؟. انتهى "المغني" ١٢/ ١٥٠ - ١٥١.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: القول الأول هو الأرجح عندي، كما صححه الموفّق؛ لظهور حجته. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.