للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جهرًا قهرًا، ووقع فِي رواية همام، عند أحمد: "والذي نفس محمد بيده، لا يَنْتَهِبَنَّ أحدُكم نُهْبةً … " الْحَدِيث. قاله فِي "الفتح".

وَقَالَ القرطبيّ: "النُّهبةُ"، و"النُّهْبَى": اسم لما يُنتهب منْ المال: أي يؤخذ منْ غير قسمة، ولا تقدير، ومنه سُمّيت الغنيمة: نُهْبَى، كما قَالَ: "وأصبنا نَهْبَ إبل" متَفقٌ عليه: أي غنيمة إبل؛ لأنها تؤخذ منْ غير تقدير، تقول العرب: أنهب الرجل ماله، ونَهبُوه، وناهبوه. قاله الجوهريّ. انتهى.

(ذَاتَ شَرَفٍ) أي ذات قيمة، وقدر، ورِفْعة، قَالَ القرطبيّ: والرواية الصحيحة بالشين المعجمة، وَقَدْ رواه الحربيّ: سرف بالسين المهملة، وَقَالَ: معناه: ذات مقدار كثير، ينكره النَّاس، كنهب الْفُسّاق فِي الفتن المالَ العظيم، مما يستعظمه النَّاس، بخلاف التمرة، والفلس، وما لا خطر له. انتهى.

وَقَالَ فِي "الفتح": "ذات شرف": أي ذات قدر، حيث يُشرف النَّاس لها، ناظرين إليها، ولهذا وصفها بقوله: "يرفع النَّاس إليه فيها أبصارهم"، ولفظ "شَرَف" وقع فِي معظم الروايات فِي "الصحيحين"، وغيرهما بالشين المعجمة، وقيدها بعض رواة مسلم بالمهملة، وكذا نقل عن إبراهيم الحربي، وهي ترجع إلى التفسير الأول، قاله ابن الصلاح. انتهى "فتح" ١٤/ ٥.

(يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهَا أَبْصَارَهُمْ) أي ينظرون إليها، ويستشرفونها. قَالَ فِي "الفتح": هكذا وقع تقييده بذلك فِي النهبة دون السرقة. قَالَ: وأشار برفع البصر إلى حالة المنهوبين، فإنهم ينظرون إلى منْ يَنهبهم، ولا يقدرون عَلَى دفعه، ولو تضرعوا إليه، ويحتمل أن يكون كناية عن عدم التستر بذلك، فيكون صفة لازمة للنهب، بخلاف السرقة، والاختلاس، فإنه يكون فِي خفية، والانتهاب أشد؛ لما فيه منْ مزيد الجراءة، وعدم المبالاة. (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) تقدم معنى التقييد به قريبًا.

[تنبيه]: زاد الإمام مسلم رحمه الله تعالى فِي "صحيحه" -بعد أن أخرج الْحَدِيث منْ طريق ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيّب، كلاهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: ما نصّه: قَالَ ابن شهاب: فأخبرنى عبد الملك بن أبى بكر بن عبد الرحمن، أن أبا بكر، كَانَ يحدثهم هؤلاء، عن أبى هريرة، ثم يقولى: وكان أبو هريرة، يُلحِق معهن: "ولا ينتهب نهبة، ذات شرف، يرفع النَّاس إليه فيها أبصارهم، حين ينتهبها، وهو مؤمن".

قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: ظاهر هَذَا الكلام، أن قوله: "ولا ينتهب، إلى آخره"، ليس منْ كلام النبى -صلى الله عليه وسلم-، بل هو منْ كلام أبى هريرة رضى الله عنه، موقوف عليه،