ولكن جاء فى رواية أخرى، ما يدل عَلَى أنه منْ كلام النبى -صلى الله عليه وسلم-، وَقَدْ جمع الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله، فى ذلك كلاما حسنا، فَقَالَ: رَوَى أبو نعيم فى "مستخرجه عَلَى كتاب مسلم" رحمه الله، منْ حديث همام بن منبه هَذَا الْحَدِيث، وفيه:"والذى نفس محمد بيده، لا ينتهب أحدكم"، وهذا مُصَرِّح برفعه إلى النبى -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: ولم يستغن عن ذكر هَذَا، بأن البخارى رواه منْ حديث الليث بإسناده هَذَا الذى ذكره مسلم عنه، معطوفًا فيه ذكر النبهة عَلَى ما بعد قوله: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نسقا، منْ غير فصل بقوله: وكان أبو هريرة يُلحِق معهن ذلك، وذلك مراد مسلم رحمه الله بقوله: واقتص الْحَدِيث يَذكُر مع ذكر النبهة، ولم يذكر "ذات شرف"، وإنما لم يكتف بهذا فى الاستدلال عَلَى كون النبهة منْ كلام النبى -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه قد يُعَدُّ ذلك منْ قبل المدرج فى الْحَدِيث، منْ كلام بعض رواته؛ استدلالاً بقول منْ فَصَلَ، فَقَالَ: وكان أبو هريرة يُلحق معهن، وما رواه أبو نعيم يرتفع عن أن يتطرق إليه هَذَا الاحتمال.
وظهر بذلك أن قول أبى بكر بن عبد الرحمن: وكان أبو هريرة يُلحق معهن … معناه: يلحقها روايةَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا منْ عند نفسه، وكأن أبا بكر خصها بذلك؛ لكونه بلغه أن غيره لا يرويها، ودليل ذلك ما تراه منْ رواية مسلم رحمه الله الْحَدِيث، منْ رواية يونس، وعقيل، عن ابن شهاب، عن أبى سلمة، وابن المسيب، عن أبى هريرة، منْ غير ذكر النهبة.
ثم إن فى رواية عقيل أن ابن شهاب، رَوَى ذكر النهبة عن أبى بكر بن عبد الرحمن نفسه، وفى رواية يونس، عن عبد الملك بن أبى بكر عنه، فكأنه سمع ذلك منْ ابنه عنه، ثم سمعه منه نفسه. انتهى كلام النوويّ "شرح مسلم" ٢/ ٤٢ - ٤٣. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه: