رجال الصحيح، وبقية علق له البخاريّ، وأخرج له مسلم فِي المتابعات. (ومنها): أنه مسلسل بالشاميين، غير شيخه، فمروزيّ. (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، صفوان، عن أزهر، وكلاهما منْ الطبقة الخامسة، فهو منْ رواية الأقران. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ) رضي الله تعالى عنهما (أَنَّهُ رَفَعَ إِلَيْهِ نَفَرٌ) ببناء الفعل للفاعل، و"نفرٌ" مرفوع عَلَى الفاعليّة: أي أبلغ النعمان -رضي الله عنه- جماعةٌ (مِنَ الْكَلَاعِيِّينَ) بفتح الكاف، وتخفيف اللام: نسبة إلى ذي الكَلاع قبيلة منْ حِمْيَر. أفاده فِي "لبّ اللباب"(أَنَّ حَاكَةً) بتخفيف الكاف: جمع حائك، اسم فاعل، منْ حاك الثوب حَوْكًا، منْ باب قَالَ، وحِيَاكًا، وحِيَاكة: نسَجَه، فهو حائك، ويُجمع أيضًا عَلَى حَوَكَة. أفاده فِي "القاموس"(سَرَقُوا مَتَاعًا، فَحَبَسَهُمْ أَيَّامًا) أي حبس الحاكة، حَتَّى يتبين له صدق المدّعيين، إما بالاعتراف، أو بإقامة البينة عليهم (ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُمْ) أي ترك حبسهم لَمّا لم يتبيّن له ثبوت ما ادُّعِي عليهم (فَأَتَوْهُ) أي أتى الكلاعيّون النعمان -رضي الله عنه- (فَقَالُوا: خَلَّيْتَ سَبِيلَ هَؤُلَاءِ، بِلَا امْتِحَانٍ) أي بمساءلتهم، والتشديد فِي مناقشتهم (وَلَا ضَرْبٍ؟) أي ليعترفوا بالسرقة (فَقَالَ النُّعْمَانُ) -رضي الله عنه- (مَا شِئْتُمْ) يحتمل أن تكون "ما" استفهاميّة، أي أيّ شيء أردتم؟، ويحتمل أن تكون موصولة مبتدأ، وخبره محذوف: أي الذي أردتم فهو لكم، ثم فصّل ذلك بقوله (إِنْ شِئْتُمْ) مفعوله محذوف: أي إن شئتم ضربَهم (أَضْرِبْهُمْ) يجوز جزمه، وهو الأحسن، ورفعه؛ لأن فعل الشرط إذا كَانَ ماضيًا يجوز الوجهان فِي الجواب، كما أشار إليه ابن مالك فِي "الخلاصة"، حيث قَالَ:
وقوله:"حسن" يدلّ عَلَى جزمه أحسن منه (فَإِنْ أَخْرَجَ اللَّهُ مَتَاعَكُمْ فَذَاكَ) أي فذاك خير لكم (وَإِلاَّ أَخَذْتُ مِنْ ظُهُورِكُمْ مِثْلَهُ) أي قصاصًا، قَالَ أبو داود رحمه الله تعالى فِي "سننه": إنما أرهبهم بهذا القول: أي لا يجب الضرب إلا بعد الاعتراف. انتهى. وَقَالَ السنديّ: كنى به أنه لا يحلّ ضربهم، فإنه لو جاز لجاز ضربكم أيضاً قصاصًا. انتهى (قَالُوا: هَذَا حُكْمُكَ؟) بتقدير همزة الاستفهام: أي أهذا الذي قلته حكمك الذي حكمت به اجتهادًا؟ (قَالَ) النعمان -رضي الله عنه- (هَذَا حُكْمُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَسُولِه -صلى الله عليه وسلم-) أي إن حبس المتّهم، وتخليته إذا لم يعترف هو الحكم الذي شرعه الله سبحانه وتعالى، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.