قومي، إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو يخطب، فَقَالَ: يا محمد علام تحبس جيرتي، فصمت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عنه، فَقَالَ: إن ناسا ليقولون: إنك تنهى عن الشر، وتستخلي به، فَقَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "ما يقول؟ قَالَ: فجعلت أعرض بينهما بالكلام، مخافة أن يسمعها، فيدعو عَلَى قومي دعوة، لا يفلحون بعدها أبدًا، فلم يزل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- به، حَتَّى فهمها، فَقَالَ: "قد قالوها"، أو"قائلها منهم، والله لو فعلتُ لكان عليّ، وما كَانَ عليهم، خَلُّوا له عن جيرانه". انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث معاوية بن حَيْدة رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيحٌ.
[تنبيه]: تكلّم النَّاس فِي حديث بهز بن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن جدّه، فصححه قوم، وممن صححه ابن معين، قَالَ إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: ثقة، وَقَالَ أيضا: إسناد صحيح، إذا كَانَ دون بهز ثقة. وَقَالَ أبو جعفر السبتي: بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده صحيح. وَقَالَ ابن البراء، عن ابن المديني: ثقة. وَقَالَ النسائيّ: ثقة. وَقَالَ ابن قتيبة: كَانَ منْ خيار النَّاس. وَقَالَ الترمذيّ: وَقَدْ تكلم شعبة فِي بهز، وهو ثقة عند أهل الْحَدِيث. وَقَالَ أبو جعفر، محمد بن الحسين البغداديّ، فِي "كتاب التمييز": قلت لأحمد -يعني ابن حنبل: ما تقول فِي بهز بن حكيم؟ قَالَ: سألت غندرا عنه؟ فَقَالَ: قد كَانَ شعبة مَسَّه، ثُمَّ تَبَيَّنَ معناه، فكتبت عنه، قَالَ: وسألت ابن معين، هل روى شعبة عن بهز؟ قَالَ: نعم حديث: "أترعون عن ذكر الفاجر؟ "، وَقَدْ كَانَ شعبة متوقفا عنه. وَقَالَ ابن عدي: قد رَوَى عنه ثقات النَّاس، وَقَدْ روى عنه الزهريّ، وأرجو أنه لا بأس به، ولم أر له حديثا منكرا، وإذا حدث عنه ثقة، فلا بأس به. وَقَالَ الآجري، عن أبي داود: هو عندي حجة، وعند الشافعيّ ليس بحجة، ولم يحدث شعبة عنه، وَقَالَ له: منْ أنت، ومن أبوك؟. وَقَالَ أبو زرعة: صالح، ولكنه ليس بالمشهور. وَقَالَ أبو حاتم: هو شيخ، يكتب حديثه، ولا يحتج به. وَقَالَ أيضا: عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أحب إلي. وَقَالَ صالح جزرة: إسناد أعرابي. وَقَالَ الحاكم: كَانَ منْ الثقات، ممن يجمع حديثه، وإنما أسقط منْ الصحيح روايته، عن أبيه، عن جده؛ لأنها شاذة، لا متابع له عليها.
وَقَالَ ابن حبّان: كَانَ يخطىء كثيرا، فأما أحمد وإسحاق، فهما يحتجان به، وتركه جماعة منْ أئمتنا، ولولا حديثه: "إنا آخذوها وشطر ماله" لأدخلناه فِي الثقات، وهو ممن