٦ - (أبو أُميّة المخزوميّ) ويقال: الأنصاريّ، حجازيّ، روى عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هَذَا الْحَدِيث، وعنه أبو المنذر مولى أبي ذرّ، ويقالى: مولى آل أبي ذرّ، قال الحافظ: ولم يُختلف عَلَى حماد بن سلمة أنه مخزوميّ، والذي قَالَ: إنه أنصاريّ همّام بن يحيى. روى له المصنّف، وأبو داود، وابن ماجه حديث الباب فقط. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ) -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، أُتِيَ) بالبناء للمفعول (بِلِصٍّ) بتثليث اللام، وتشديد الصاد المهملة: أي بسارق. قَالَ الفيّوميّ: اللّصّ بكسر اللام: السارق، وضمّها لغة، حكاها الأصمعيّ، والجمع لُصوصٌ، وهو لصّ بَيّن اللَّصُوصيّة بفتح اللام، وَقَدْ تُضمّ، ولَصَّ الرجلُ الشيءَ لَصّا، منْ باب قتل: سرقه. انتهى. وفي "القاموس": اللَّصّ: فعل الشيء فِي سَتْر، وإغْلَاقُ الباب، وإطباقه، والسارق، ويُثلّث، جمعه لُصُوصٌ، وأَلْصَاصٌ، وهي لَصَّةٌ، جمعها لَصّات، ولَصَائصُ، والمصدر: اللَّصَصُ، واللَّصَاصُ، واللَّصُوصِيّةُ بالفتح، واللُّصُوصيّة بالضمّ. انتهى. (اعْتَرَفَ اعْتِرَافًا) أي أقرّ إقرارًا صحيحًا (وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ) أي منْ المسروق (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا إِخَالُكَ) بكسر الهمزة، وفتحها، والكسر هو الأفصح، وأصله الفتح، قُلبت الفتحة كسرةً عَلَى خلاف القياس، ولا يَفتح همزته إلا بنو أسد، فإنهم يُجرونها عَلَى القياس، وهو منْ خال الشيءَ يخاله خَيْلاً، منْ باب نال: إذا ظنّه، وخاله يَخيله، منْ باب باع لغة:(سَرَقْتَ) أي ما أظنك سرقت شيئاً، قاله دَرْأً للقطع.
قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: قيل: أراد -صلى الله عليه وسلم- تلقين الرجوع عن الاعتراف، وللإمام ذلك فِي السارق، إذا اعترف، كما يُشير إليه ترجمة المصنّف، ومن لا يقول به يقول: لعله ظنّ بالمعترف غفلة عن معنى السرقة، وأحكامها، أو لأنه استبعد اعترافه بذلك؛ لأنه ما وُجِد معه متاع، واستدلّ به منْ يقول: لابدّ فِي السرقة منْ تعدّد الإقرار. انتهى.
وقال الخطّابيّ رحمه الله تعالى: وجه هَذَا الْحَدِيث عندي -والله أعلم- أنه ظنّ بالمعترف بالسرقة غَفْلَةً، أو يكون قد ظنّ أنه لا يعرف معنى السرقة، ولعله قد كَانَ مالا له، أو اختلسه، أو نحو ذلك، مما يخرج منْ هَذَا الباب عن معاني السرقة، والمعترف به قد يحسب أن حكم ذلك حكم السرقة، فوافقه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واستثبت الحكم فيه، إذ كَانَ منْ سنّته: أن الحدود تُدرأ بالشبهات، ورُوي عنه أنه قال: "ادرؤا الحدود ما