(ومنها): ما فِي قصّة "الموطّإ": أن الهجرة كانت قبل الفتح مفروضة. (ومنها): إباحة النوم فِي المسجد. (ومنها): جواز طي الثياب وتوسدها. (ومنها): أن ما جعله الإنسان تحت رأسه، فهو حرز له، فإذا سُرق وجب القطع؛ لأنه حرزه، وما سُرق منْ الحرز ففيه القطع، وسيأتي اختلاف العلماء فِي اشتراط الحرز للقطع، فِي الباب التالي، إن شاء الله تعالى.
(ومنها): ما قاله ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى: لا أعلم بين أهل العلم اختلافا فِي الحدود، إذا بلغت إلى السلطان، لم يكن فيها عفو، لا له ولا لغيره، وجائز للناس أن يتعافوا الحدود ما بينهم، ما لم يبلغ السلطان، وذلك محمود عندهم.
ولذلك قيده الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه" بعدم الرفع إلى السلطان، فَقَالَ:"باب كراهية الشفاعة فِي الحدّ، إذا رُفع إلى السلطان"، ثم أورد حديث عائشة رضي الله تعالى عنها الآتي فِي قصّة المخزوميّة، وفيه: قوله -صلى الله عليه وسلم- لأسامة ابن زيد رضي الله تعالى عنهما:"أتشفع فِي حدّ منْ حدود الله؟ ".
قَالَ فِي "الفتح" ١٤/ ٣٩ - قوله:"باب كراهية الشفاعة فِي الحدّ، إذا رُفع إلى السلطان"، كذا قَيَّدّ ما أطلقه فِي حديث الباب:"أتشفع فِي حدّ منْ حدود الله"، وليس القيد صريحا فيه، وكأنه أشار إلى ما ورد فِي بعض طرقه صريحا، وهو فِي مرسل حبيب ابن أبي ثابت الذي أشرت إليه، وفيه: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لأسامة، لَمّا شفع فيها:"لا تشفع فِي حدّ، فان الحدود إذا انتهت إليَّ، فليس لها مَتْرَك"، وله شاهد منْ حديث عمرو بن شمعيب، عن أبيه، عن جده، رفعه:"تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني منْ حَدّ، فقد وجب"، ترجم له أبو داود:"العفو عن الحد، ما لم يبلغ السلطان"، وصححه الحاكم، وسنده إلى عمرو بن شعيب صحيح، وأخرج أبو داود أيضًا، وأحمد، وصححه الحاكم منْ طريق يحيى بن راشد، قَالَ: خرج علينا ابن عمر، فَقَالَ: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول:"منْ حالت شفاعته دون حد منْ حدود الله، فقد ضاد الله فِي أمره"، وأخرجه ابن أبي شيبة منْ وجه آخر، أصح منه، عن ابن عمر، موقوفًا، وللمرفوع شاهد منْ حديث أبي هريرة، فِي "الأوسط" للطبراني، وَقَالَ:"فقد ضادّ الله فِي ملكه"، وأخرج أبو يعلى منْ طريق أبي المحياة، عن أبي مطر، رأيت عليا أُتى بسارق، فذكر قصة فيها: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أُتى بسارق، فذكر قصة فيها: قالوا: يا رسول الله، أفلا عفوت؟ قَالَ:"ذلك سلطان سُوء، الذي يعفو عن الحدود بينكم"، وأخرج الطبراني، عن عروة بن الزبير، قَالَ: لقي الزبير سارقا، فشفع فيه، فقيل له: حَتَّى يبلغ الامام، فَقَالَ: إذا بلغ الإمام، فلعن الله الشافع، والمشفِّع"، وأخرج فِي