للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولفظه: "تقطع يد السارق فِي ثمن المجن، وثمن المجن ربع دينار"، وأخرجه -٤٩٣٧ - منْ طريق سليمان بن يسار، عن عمرة، بلفظ: "لا تقطع يد السارق فيما دون ثمن المجن"، قيل لعائشة: "ما ثمن المجن؟ قالت: ربع دينار".

قَالَ: وَقَدْ أخرجه مسلم منْ طريق أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة مثل رواية سليمان بن يسار عنها التي أشرت إليها آنفاً، وكذا أخرجه النسائيّ -١٠/ ٤٩٣٠ - منْ طريق ابن الهاد بلفظ: "لا تقطع يد السارق إلا فِي ربع دينار فصاعدا"، وأخرجه ١٠/ ٤٩٣١ - منْ طريق مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة موقوفًا.

وحاول الطحاوي تعليل رواية أبي بكر المرفوعة، برواية ولده الموقوفة، وأبو بكر أتقن، وأعلم منْ ولده، عَلَى أن الموقوف فِي مثل هَذَا، لا يخالف المرفوع؛ لأن الموقوف محمول عَلَى طريق الفتوى، والعجب أن الطحاوي ضَعَّف عبد الله بن أبي بكر فِي موضع آخر، ورام هنا تضعيف الطريق القويمة بروايته، وكأن البخاريّ أراد الاستظهار لرواية الزهريّ عن عمرة، بموافقة محمد بن عبد الرحمن الأنصاريّ عنها؛ لما وقع فِي رواية ابن عيينة، عن الزهريّ منْ الاختلاف فِي لفظ المتن، هل هو منْ قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أو منْ فعله؟ وكذا رواه ابن عيينة عن غير الزهريّ، فيما أخرجه النسائيّ -٤٩٢٨ - عن قتيبة عنه، عن يحيى بن سعيد، وعبد ربه بن سعيد، وزريق صاحب أيلة: أنهم سمعوا عمرة، عن عائشة، قالت: "القطع فِي ربع دينار فصاعدا"، ثم أخرجه النسائيّ منْ طرق ٤٩٢٤ و٤٩٢٥ و٤٩٢٦ و٤٩٢٩ و٤٩٢٧ - عن يحيى بن سعيد به، مرفوعا وموقوفا، وَقَالَ (١): الصواب ما وقع فِي رواية مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة: "ما طال عَلَى العهد، ولا نسيت، القطعُ فِي ربع دينار فصاعدا"، وفي هَذَا إشارة إلى الرفع. والله تعالى أعلم.

وَقَدْ تعلق بذلك بعض منْ لم يأخذ بهذا الْحَدِيث، فذكره يحيى بن يحيى، وجماعة، عن ابن عيينة، بلفظ: "كَانَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقطع السارق فِي ربع دينار فصاعدا"، أورده الشافعيّ، والحميدي، وجماعة عن ابن عيينة بلفظ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تقطع اليد … " الْحَدِيث، وعلى هَذَا التعليل عَوَّل الطحاوي، فأخرج الْحَدِيث عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن عيينة بلفظ: "كَانَ يقطع … "، وَقَالَ: هَذَا الْحَدِيث لا حجة فيه؛ لأن عائشة إنما أخبرت عما قُطع فيه، فيحتمل أن يكون ذلك لكونها قَوَّمت ما وقع القطع


(١) هَذَا الكلام فِي "الكبرى"، ونقله الحافظ بالمعنى، وأما فِي "المجتبى"، فليس فيها إلا قوله بعد رواية ابن المبارك عن يحيى بن سعيد-: "قَالَ أبو عبد الرحمن: هَذَا الصواب منْ حديث يحيى.