والمعنى: أنه لا يجب عَلَى ذلك المصيب منْ ذلك الثمر بسببه شيء منْ الغرامات، والعقوبات، وكذلك لا إثم عليه؛ لإباحة الشارع له ذلك القدر، عَلَى خلاف فِي كيفية الإباحة، سيأتي بيانه قريبًا، إن شاء الله تعالى.
(وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ) الباء للتعدية (مِنْهُ) أي منْ الثمر المعلق (فَعَلَيْهِ غرَامَةُ مِثْلَيْهِ) بالتثنية، وَقَدْ جاء بالإفراد فِي بعض نسخ "سنن أبي داود"، قَالَ السنديّ: وهو أظهر، وأمثل بقواعد الشرع، والتثنية منْ باب التعزير بالمال (وَالعُقُوبَةُ) بالرفع عطفًا عَلَى "غرامةُ": أي التعزير، وَقَدْ فَسّرها فِي الرواية التالية بأنها جَلَدَات نَكَال (وَمَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْهُ) أي منْ الثمر (بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ) بضم أوله، منْ الإيواء، وهو الضمّ (الْجَرينُ) بفتح الجيم، وكسر الراء: موضعٌ يُجمع فيه التمر، للتجفيف، وهو له كالبيدر (١) للحنطة، ويُجمع عَلَى جُرُن -بضمتين- كذا فِي "النهاية"(فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ) قد تقدّم أن الصحيح أنه ربع دينار، وهو ثلاثة دراهم (فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ) أي قطع يده؛ لسرقته نصابًا منْ الحرز (وَمَنْ سَرَقَ دُونَ ذَلِكَ) أي أقل منْ ثمن المجنّ (فَعَلَيْهِ غرَامَةُ مِثْلَيْهِ) بالتثنية (وَالْعُقُوبَةُ) أي البدنيّة، وهي أن يُضرب عدة جلَدَات. قَالَ أبو داود رحمه الله تعالى بعد ذكر الْحَدِيث: ما نصّه: الجرين: الْجُوخَانُ. انتهى. وَقَالَ الجوهريّ: الْجُوخان: الجرين بلغة أهل البصرة. انتهى.
قَالَ الطيبيّ رحمه الله تعالى:[فإن قلت]: كيف طابق هَذَا جوابًا عن سؤاله عن التمر المعلّق، فإنه سُئل هل يُقطع فِي سرقة التمر المعلّق، وكان ظاهر الجواب أن يقال: لا، فلم أطنب ذلك الإطناب؟.
[قلت]: ليُجيب عنه مُعلْلاً، كأنه قيل: لا يُقطع؛ لأنه لم يسرق منْ الحرز، وهو أن يؤويه الجرين. ذكره القاري. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبد الله بن عمرو رحمه الله تعالى هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٢/ ٤٩٦٠ و٤٩٦١ - وفي الباب الماضي ١١/ ٤٩٥٩ - وفي "الكبرى" ١٩/ ٧٤٤٥ و٢٠/ ٧٤٤٦ و٢١/ ٧٤٤٧. وأخرجه (د) فِي "اللقطة" ١٧١٠ و"الحدود"
(١) "البيدر" -بفتح، فسكون-: الموضع الذي تُدّاس فيه الحبوب.