للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محجوجون بإجماع السلف عَلَى خلاف قولهم، وألزم ابن حزم الحنفية بأن يقولوا بالقطع منْ المرفق، قياسا عَلَى الوضوء، وكذا التيمم عندهم، قَالَ: وهو أولى منْ قياسهم قدر المهر عَلَى نصاب السرقة، ونقله عياض قولا شاذا، وحجة الجمهور الأخذ بأقل ما ينطلق عليه الاسم؛ لأن اليد قبل السرقة، كانت محترمة، فلما جاء النص بقطع اليد، وكانت تطلق عَلَى هذه المعاني، وجب أن لا يترك المتيقن، وهو تحريمها إلا بمتيقن، وهو القطع منْ الكف. وأما الأثر عن علي -رضي الله عنه-، فوصله الدارقطنيّ منْ طريق حُجَيّة بن عدي، أن عليا قطع منْ المفصل. وأخرج ابن أبي شيبة منْ مرسل رجاء بن حيوة: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قطع منْ المفصل، وأورده أبو الشيخ فِي "كتاب حد السرقة"، منْ وجه آخر عن رجاء، عن عدي، رفعه مثله، ومن طريق وكيع، عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر رفعه مثله. وأخرج سعيد بن منصور، عن حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، قَالَ: كَانَ عمر -رضي الله عنه- يقطع منْ المفصل، وعلي يقطع منْ مشط القدم. وأخرج ابن أبي شيبة، منْ طريق ابن أبي حيوة أن عليا قطعه منْ المفصل، وجاء عن علي أنه قطع اليد منْ الأصابع، والرجل منْ مشط القدم، أخرجه عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة عنه، وهو منقطع، وإن كَانَ رجال السند منْ رجال الصحيح. وَقَدْ أخرج عبد الرزاق، منْ وجه آخر: أن عليا كَانَ يقطع الرجل منْ الكعب. وذكر الشافعيّ فِي "كتاب اختلاف" عليّ وابن مسعود، أن عليا كَانَ يقطع منْ يد السارق الخنصر والبنصر والوسطى خاصة، ويقول: أستحي منْ الله أن أتركه بلا عمل، وهذا يحتمل أن يكون بقي الإبهام والسبابة، وقطع الكف والأصابع الثلاثة، ويحتمل أن يكون بقي الكف أيضًا، والأول أليق؛ لأنه موافق لما نقل البخاريّ أنه قطع منْ الكف. انتهى "فتح" ١٤/ ٥٢.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبين مما سبق أن الأرجح هو ما ذهب إليه الجمهور، منْ القطع ليمين السارق، وأنه يكون منْ الكوع؛ لقوة حجتهم، كما سلف آنفاً، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي قطع أيدي السارق، وأرجله:

قَالَ فِي "الفتح" ١٤/ ٥٣ - ٥٤ - : واختلف السلف فيمن سَرَق، فقُطِع، ثم سرق ثانيا، فَقَالَ الجمهور: تُقطع رجله اليسرى، ثم إن سرق فاليد اليسرى، ثم إن سرق فالرجل اليمنى، واحتُج لهم بآية المحاربة، وبفعل الصحابة، وبأنهم فهموا منْ الآية أنها فِي المرة الواحدة، فإذا عاد السارق وجب عليه القطع ثانيا، إلى أن لا يبقى له ما يُقطع، ثم إن سرق عُزِّر، وسُجِن، وقيل يقتل فِي الخامسة، قاله أبو مصعب الزهريّ المدنيّ، صاحب مالك، وحجته ما أخرجه أبو داود، والنسائي، منْ حديث جابر -رضي الله عنه-، قَالَ: