للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

-صلى الله عليه وسلم- بأمره، وهنا جعله فِي عهد أبي بكر -رضي الله عنه- بأمره، لكن الذي يظهر أنهما قضيّتان، فلا تعارض بينهما. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١٤/ ٤٩٧٩ - وفي "الكبرى" ٢٤/ ٧٤٧٠. وهو منْ أفراده، لم يخرجه منْ أصحاب الأصول غيره، وأخرجه منْ غيرهم الحاكم فِي "المستدرك" ٤/ ٣٨٢ والبيهقيّ فِي "السنن الكبرى" ٨/ ٢٧٢ - ٢٧٣ والطبراني فِي "المعجم الكبير" ١/ ١٦٦/ ٢. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي أي اليدين تُقطع؟، وفي محلّ القطع:

ذهب الجمهور إلى أن أول شيء يقطع منْ السارق اليد اليمنى، واحتجّوا بقراءة ابن مسعود رحمه الله تعالى: "فاقطعوا أيمانهما"، وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح، عن إبراهيم قَالَ: هي قراءتنا، يعني أصحاب ابن مسعود -رضي الله عنه-، ونقل فيه عياض الإجماع. وتُعُقّب، نعم قد شذ منْ قَالَ: إذا قطع الشمال أجزأت مطلقا، كما هو ظاهر ما ذكره البخاريّ عن قتادة، حيث قَالَ: وَقَالَ قتادة فِي امرأة سرقت، فقُطعت شمالها، ليس إلا ذلك. وَقَالَ مالك: إن كَانَ عمدا وجب القصاص عَلَى القاطع، ووجب قطع اليمين، وإن كَانَ خطأ وجبت الدية، ويجزىء عن السارق، وكذا قَالَ أبو حنيفة، وعن الشافعيّ، وأحمد قولان فِي السارق. قاله فِي "الفتح".

وَقَالَ البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه": "وقطع علي -رضي الله عنه- منْ الكف"، قَالَ فِي "الفتح": أشار بهذا الأثر إلى الاختلاف فِي محل القطع، وَقَدْ اختلف فِي حقيقة اليد، فقيل: أولها منْ المنكب، وقيل: منْ المرفق، وقيل: منْ الكوع، وقيل: منْ أصول الأصابع.

فحجة الأول أن العرب تُطلق الأيدي عَلَى ذلك، ومن الثاني آية الوضوء، ففيها: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦]، ومن الثالث آية التيمم، ففي القرآن: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}، وبينت السنة كما تقدم فِي بابه، أنه عليه الصلاة والسلام، مسح عَلَى كفيه فقط، وأخذ بظاهر الأول بعض الخوارج، ونقل عن سعيد بن المسيب، واستنكره جماعة، والثاني لا نعلم منْ قَالَ به فِي السرقة، والثالث قول الجمهور، ونقل بعضهم فيه الإجماع، والرابع نقل عن علي، واستحسنه أبو ثور، ورُدّ بأنه لا يسمى مقطوع اليد لغة، ولا عرفا، بل مقطوع الأصابع.

وبحسب هَذَا الاختلاف وقع الخلاف فِي محل القطع، فَقَالَ بالأول الخوارج، وهم