(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) رضي الله تعالى عنه (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-) أنه (قَالَ: "إِذَا سَرَقَ الْعَبْدُ فَبِعْهُ) أي بعد بيان عيبه؛ لئلا يكون غاشًّا لمشتريه، فقد أخرج مسلم فِي "صحيحه" منْ حديث تميم الداري -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الدين النصيحة"، قالوا: لمن يا رسول الله، قَالَ: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم". ولحديث أنس -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حَتَّى يُحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه"، متّفقٌ عليه. "وَلَوْ بنَشٍّ) بفتح النون، وتشديد الشين العجمة-: هو نصف الأوقيّة، وهي أربعون درهمًا، فيكون نصفها عشرين درهمًا، وقيل: يُطلق عَلَى النصف منْ كلّ شيء، فالمراد ولو بنصف القيمة، أو بنصف درهم. وإنما أمره النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ببيعه، مع أنه ينبغي له أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، كما تقدم آنفاً؛ لأن الإنسان قد لا يقدر عَلَى إصلاح حاله، ويكون غيره قادرًا عليه. والله تعالى أعلم.
وقوله:(قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ) أي النسائيّ رحمه الله تعالى (عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ) أشار به إلى ضعف هَذَا الْحَدِيث؛ لضعف عمر هَذَا، وهذا الذي قاله فِي عمر قاله غيره أيضًا، فَقَالَ ابن سعد: كَانَ كثير الْحَدِيث، وليس يُحتجّ بحديثه. عن ابن المدينيّ: كَانَ شعبة يضغفه. وَقَالَ ابن مهديّ: أحاديثه واهية. وضعفه ابن معين فِي رواية عنه. وَقَالَ الجوزجانيّ: ليس بقويّ فِي الْحَدِيث. وَقَالَ ابن خزيمة: لا يُحتجّ بحديثه. وقوّاه آخرون، فَقَالَ أحمد: هو صالح ثقة إن شاء الله. وَقَالَ البخاريّ: صدوقٌ، إلا أنه يخالف فِي بعض حديثه. وَقَالَ ابن أبي خيثمة، عن أبيه: صالح، إن شاء الله. وَقَالَ أبو حاتم: هو عندي صالح، صدوقٌ فِي الأصل، ليس بذاك القوي، يكتب حديثه، ولا يحتجّ به، يخالف فِي بعض الشيء. وَقَالَ العجليّ: لا بأس به. وَقَالَ ابن عديّ: حسن الْحَدِيث، لا بأس به. وَقَالَ الدُّوريّ: سألت ابن معين عن حديث منْ حديثه؟، فَقَالَ. صحيح، وسألته عن آخر؟ فاستحسنه. وذكره ابن الْبَرْقيّ فِي "باب منْ احتُمل حديثه منْ المعروفين" قَالَ: وأكثر أهل العلم بالحديث يُثَبِّتونه. انظر ترجمته فِي "تهذيب التهذيب" ٣/ ٢٣٠.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: يتبين مما ذُكر منْ أقوال أهل العلم أن عمر بن أبي سلمة وسط، فالصحيح ما قاله فِي "التقريب": صدوقٌ يُخطىء، فلا ينزل حديثه عن درجة الحسن. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.