للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بوائقه". وَقَالَ: "منْ رأى منكم منكرًا، فليُغيره بيده، فإن لم يستطع، فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". وَقَالَ: "ما بعث الله منْ نبيّ، إلا كَانَ فِي أمته قوم يهتدون بهديه، ويستنّون بسنته، ثم إنه يخلُف منْ بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده، فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمنٌ، وليس وراء ذلك منْ الإيمان حبّة خردل"، وهذا منْ أفراد مسلم. وكذلك فِي أفراد مسلم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حَتَّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حَتَّى تحابّوا، أو لا أدلّكم عَلَى شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم"، وَقَالَ فِي الْحَدِيث المتفق عليه منْ رواية أبي هريرة -رضي الله عنه-، ورواه البخاريّ منْ حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما، قَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزني الزاني حين يزني، وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها، وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق، وهو مؤمن، ولا ينتهب النهبة، يرفع النَّاس إليه فيها أبصارهم، وهو مؤمن".

فيقال: اسم الإيمان تارةَ يُذكر مفردًا، غير مقرون باسم الإسلام، ولا باسم العمل الصالح، ولا غيرهما، وتارة يُذكر مقرونًا، إما بالإسلام، كقوله فِي حديث جبرائيل: "ما الإسلام، وما الإيمان؟، وكقوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} الآية [الأحزاب: ٣٥]، وقوله عز وجل: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: ١٤] الآية، وقوله عز وجل: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦)} [الذاريات: ٣٥ - ٣٦]. وكذلك ذكر الإيمان مع العمل الصالح، وذلك فِي مواضع منْ القرآن، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية [الكهف: ١٠٧]، وإما مقرونا بالذين أوتوا العلم، كقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ} الآية [الروم: ٥٦]، وقوله: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} الآية [المجادلة: ١١]، وحيث ذكر الذين آمنوا، فقد دخل فيهم الذين أوتوا العلم، فإنهم خيارهم، قَالَ تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: ٧] الآية، وَقَالَ: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} الآية [النِّساء: ١٦٢].

ويذكر أيضًا لفظ المؤمنين، مقرونًا بالذين هادوا، والنصارى، والصابئين، ثم يقول: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٦٢]، فالمؤمنون فِي ابتداء الخطاب غير الثلاثة، والإيمان الآخر