للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو الخمر، أو القتل، أو غير ذلك منْ المحرمات التي يُعلم تحريمها ضرورة. انتهى "النوويّ عَلَى صحيح شرح مسلم" ١/ ١٤٤ - ١٥٠.

وَقَالَ الحافظ السيوطيّ رحمه الله تعالى فِي "الكوكب الساطع":

وَلَا نَرَى تَكْفِيرَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ … وَلَا الْخُرُوجَ أَيْ عَلَى الأَئِمَّةِ

وقلت فِي "شرحي" عليه: أشار به إلى ما قاله الشافعيّ، وأبو حنيفة، والأشعريّ: لا نكفّر أحدًا منْ أهل القبلة بذنب أجرمه، وروى البيهقيّ بسند صحيح أن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما سُئل، هل كنتم تسمّون منْ الذنوب كفرًا، أو شركًا، أو نفاقًا؟ قَالَ: معاذ الله، لكنا نقول: مؤمنون مذنبون.

وَقَالَ الإمام الذهبيّ رحمه الله تعالى فِي "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٨٨ - فِي ترجمة أبي الحسن الأشعريّ رحمه الله تعالى: ما نصه: رأيت للأشعريّ كلمة أعجبتني، وهي ثابتةٌ، رواها البيهقيّ، سمعت أبا حازم العبدريّ، سمعت زاهر بن أحمد السرخسيّ يقول: لَمّا قرب أجل أبي الحسن الأشعريّ فِي داري ببغداد، دعاني، فأتيته، فَقَالَ: اشهَدْ عليّ أني لا أكفّر أحدا منْ أهل القبلة؛ لأن الكلّ يُشيرون إلى معبود واحد، وإنما هَذَا كله اختلاف العبارات. قَالَ الذهبيّ: وبنحو هَذَا أدين، وكذا كَانَ شيخنا ابن تيميّة فِي أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفّر أحدًا منْ الأمة، قَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: لا يُحافظ عَلَى الوضوء إلا مؤمن" (١). فمن لازم الصلوات بوضوء، فهو مسلم. انتهى كلام الذهبيّ رحمه الله تعالى.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله هؤلاء الأئمة منْ عدم تكفير أهل القبلة بالذنوب هو الحقّ، فينبغي التنبّه له، وعدم التسرّع إلى القول بتكفير أحد منهم إلا ببيّنة واضحة، لا يُقبل معها التأويل. والله تعالى أعلم بالصواب.

هذه جُمَلٌ منْ المسائل المتعلقة بالإيمان، قدمتها فى صدر الكتاب، تمهيدا لكونها مما يكثر الاحتياج إليها، ولكثرة تكرارها، وتردادها فى الأحاديث، فقدمتها فِي موضع واحد؛ ليسهل فهمها، ويقرب إداركها، ويتيسّر الإحالة عليها، إذا مرّ فِي الأبواب الآتية ما يتعلّق بها. والله أعلم بالصواب، وله الحمد والنعمة، وبه التوفيق والعصمة.


(١) حديث صحيح أخرجه أحمد، والدارمي، والحاكم، وابن حبّان.