للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إسحاق، وحاله معروفة، وحديثه فِي درجة الحسن.

قَالَ البيهقي: فاستدلوا بإعجاز القرآن عَلَى صدق النبيّ، فآمنوا بما جاء به، منْ إثبات الصانع، ووحدانيته، وحدوث العالم، وغير ذلك، مما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فِي القرآن وغيره، واكتفاء غالب منْ أسلم بمثل ذلك مشهور فِي الأخبار، فوجب تصديقه فِي كل شيء ثبت عنه بطريق السمع، ولا يكون ذلك تقليدا، بل هو اتباع. والله أعلم.

وَقَدْ استدل منْ اشترط النظر بالآيات، والأحاديث الواردة فِي ذلك، ولا حجة فيها؛ لأن منْ لم يشترط النظر لم ينكر أصل النظر، وإنما أنكر توقف الإيمان عَلَى وجود النظر، بالطرق الكلامية، إذ لا يلزم منْ الترغيب فِي النظر، جعله شرطا.

واستدل بعضهم بأن التقليد لا يفيد العلم، إذ لو أفاده لكان العلم حاصلا، لمن قلد فِي قدم العالم، ولمن قلد فِي حدوثه، وهو محال لإفضائه إلى الجمع بين النقيضين، وهذا إنما يتأتى فِي تقليد غير النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأما تقليده -صلى الله عليه وسلم-، فيما أخبر به عن ربه، فلا يتناقض أصلا.

واعتذر بعضهم عن اكتفاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والصحابة بإسلام منْ أسلم منْ الأعراب، منْ غير نظر، بأن ذلك كَانَ لضرورة المبادىء، وأما بعد تقرر الإسلام، وشهرته، فيجب العمل بالأدلة، ولا يخفى ضعف هَذَا الاعتذار.

والعجب أن منْ اشترط ذلك منْ أهل الكلام، ينكرون التقليد، وهم أول داع إليه، حَتَّى استقر فِي الأذهان، أن منْ أنكر قاعدة منْ القواعد التي أصلوها، فهو مبتدع، ولو لم يفهمها، ولم يعرف مأخذها، وهذا هو محض التقليد، فآل أمرهم إلى تكفير منْ قلد الرسول عليه الصلاة والسلام، فِي معرفة الله تعالى، والقولِ بإيمان منْ قلدهم، وكفى بهذا ضلالا، وما مَثَلهم إلا كما قَالَ بعض السلف: إنهم كمثل قوم كانوا سَفْرًا، فوقعوا فِي فلاة، ليس فيها ما يقوم به البدن، منْ المأكول والمشروب، ورأوا فيها طرقا شتى، فانقسموا قسمين. فقسم وجدوا منْ قَالَ لهم: أنا عارف بهذه الطرق، وطريق النجاة منها واحدة، فاتبعونى فيها، تنجوا، فتبعوه فنجوا، وتخلفت عنه طائفة، فأقاموا، إلى ان وقفوا عَلَى أمارة ظهر لهم أن فِي العمل بها النجاة، فعملوا بها فنجوا، وقسم هجموا بغير مرشد، ولا أمارة فهلكوا، فليس نجاة منْ اتبع المرشد بدون نجاة منْ أخذ بالإمارة، إن لم تكن أولى منها.

قَالَ الحافظ: ونقلت منْ جزء الحافظ صلاح الدين العلائي: يمكن أن يُفَصَّل، فيقال: منْ لا له أهلية لفهم شيء منْ الأدلة أصلا، وحصل له اليقين التام بالمطلوب، إما بنشأته عَلَى ذلك، أو لنور يقذفه الله فِي قلبه، فإنه يكتفى منه بذلك، ومن فيه أهلية