أخرجه هنا -٧/ ٤٩٩٦ - وفي "الكبرى" فِي "الصيام" ٢٨٩٥ و٢٨٩٦. وأخرجه (ق) فِي "الصيام" ١٧٢٠ (أحمد) فِي "مسند المكيّين" ١٥٠٢ و"مسند الكوفيين" ١٨٤٧٦ (الدارمي) فِي "الصوم" ١٧٠١. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان تأويل الآية الكريمة، ووجه ذلك أن الْحَدِيث دلّ عَلَى أنه لا يدخل الجنة أحد إلا إذا كَانَ مؤمنًا، والإيمان هو عقد القلب المصدّق لإقرار اللسان الذي لا ينفع عند الله تعالى غيره، وهذا هو الذي نفته الآية عن هؤلاء الأعراب؛ حيث إنهم أظهروا الاستسلام، وتظاهروا بالأعمال الظاهرة، فقالوا: آمنا بألسنتهم، وليس ذلك فِي صميم قلوبهم، فحيث انتفى عنهم ذلك، فإنهم لا يدخلون الجنّة.
(ومنها): أنه استُدِلّ بهذا عَلَى تحريم صوم أيام التشريق، وفي ذلك خلاف بين الصحابة، فمن بعدهم، قَالَ فِي "الفتح": وَقَدْ رَوَى ابن المنذر وغيره، عن الزبير بن العوام، وأبي طلحة، منْ الصحابة الجواز مطلقا. وعن علي، وعبد الله بن عمرو بن العاص، المنع مطلقا، وهو المشهور عن الشافعيّ، وعن ابن عمر، وعائشة، وعُبيد بن عمير، فِي آخرين، منعه إلا للمتمتع الذي لا يجد الهدي، وهو قول مالك، والشافعي فِي القديم، وعن الأوزاعي، وغيره أيضًا يصومها المحصر، والقارن. انتهى. واستَدَلّ القائلون بالمنع مطلقا، بأحاديث الباب التي لم تقيد بالجواز للمتمتع، واستدل القائلون بالجواز للمتمتع، بحديث عائشة، وابن عمر -رضي الله عنهم- قالا: لم يُرخَّص فِي أيام التشويق أن يُصَمْن إلا لمن لم يجد الهدي. رواه البخاريّ. وهذه الصيغة لها حكم الرفع، وَقَدْ أخرجه الدارقطنيّ، والطحاوي، بلفظ:"رَخَّص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمتمتع، إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيام التشريق"، وفي إسناده يحيى بن سلام، وليس بالقوي، ولكنه يؤيد ذلك عموم الآية، قالوا: وحمل المطلق عَلَى المقيد واجب، وكذلك بناء العام عَلَى الخاص، وهذا أقوى المذاهب.
وأما القائل بالجواز مطلقا، فترد عليه الأحاديث، كحديث الباب، وحديث كعب بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثه، وأوس بن الْحَدَثَان أيام التشريق:"أنه لا يدخل الجنّة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب". رواه أحمد، ومسلم. وحديث أنس -رضي الله عنه-: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صوم خمسة أيام فِي السنة: يوم الفطر، ويوم النحر، وثلاثة أيام التشريق"، رواه الدارقطنيّ، وفي سنده محمد بن خالد الطحان، ضعيف.
وفي الباب عن عبد الله بن حُذافة السهمي، عند الدارقطنيّ، بلفظ: "لا تصوموا فِي