فِي ذلك هجران بلد الشرك؛ رغبةً فِي دار الإسلام، وإلا فمجرّد هجرة بلد الشرك، مع الإصرار عَلَى المعاصي ليس بهجرة تامّة كاملة، بل الهجرة التامّة الكاملة هجران ما نهى الله تعالى عنه، ومن جملة ذلك هجران بلد الشرك مع القدرة عليه. انتهى "شرح البخاريّ" ١/ ٣٩.
[فائدة]: فِي الْحَدِيث منْ أنواع البديع: تجنيس الاشتقاق، وهو أن يرجع اللفظان فِي الاشتقاق إلى أصل واحد، نحو قوله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} الآية [الروم: ٤٣]، فإن {فَأَقِمْ}، و {الْقَيِّمِ} يرجعان فِي الاشتقاق إلى القيام. قاله فِي "عمدة القاري" ١/ ١٤٩. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبد الله عمرو رضي الله تعالى عنهما هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان صفة المسلم. (ومنها): الحثّ عَلَى ترك أذى المسلمين بأيّ نوع منْ الأذى، وسرّ الأمر فِي ذلك حسن التخلّق مع العالم، كما قَالَ الحسن البصريّ فِي تفسير الأبرار: هم الذين لا يؤذون الذَّرّ، ولا يرضون الشرّ. ذكره فِي "العمدة" ١/ ١٥٠. (ومنها): أن فيه الردّ عَلَى المرجئة، فإنه ليس عندهم إسلام ناقص. (ومنها): أن فيه الحثَّ عَلَى ترك المعاصي، واجتناب المناهي. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.