[تنبيه]: عكرمة هَذَا ثقة متَّفقٌ عليه، وفي طبقته عكرمة بن خالد بن سلمة بن هشام ابن المغيرة المخزومي، وهو ضعيف، وليس له فِي الكتب الستة شيء، فينبغي التنبّه لهذا؛ لشدة التباسهما، ويفترقان بشيوخهما، ولم يرو الضعيف عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. راجع ترجمته فِي "تهذيب التهذيب" ٣/ ١٣٢. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما (أَنَّ رَجُلاً) اسم الرجل السائل حكيم، ذكره البيهقي (قَالَ لَهُ: أَلَا تَغْزُو؟) أي ألا تخرج للجهاد فِي سبيل الله (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، يَقُولُ) كأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فهم أن السائل يرى أن الجهاد منْ أركان الإسلام، فأجاب بما ذكره، وإلا فلا يصحّ التمسّك بهذا الْحَدِيث فِي ترك ما يُذكَر فيه، منْ الجهاد وغيره، كما هو ظاهرٌ (بُنِيَ الإِسْلَامُ) فعل ونائب فاعله (عَلَى خَمْسٍ) أي خمس دعائم، وصرح به عبد الرزاق فِي روايته، أو قواعد، أو خصال، وفي رواية لمسلم "عَلَى خمسة": أي أشياء، أو أركان، أو أصول، ويقال: إنما حُذف الهاء؛ لكون التمييز لم يذكر، كقوله تعالى:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤]: أي عشرة أيام، وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: "منْ صام رمضان، فأتبعه ستّا منْ شوّال"، ونحو ذلك. وَقَدْ ذكر النحاة أن أسماء العدد إنما تذكّر، وتؤنث إذا كَانَ المعدود مذكورًا، وأما إذا حُذف، أو قُدّم جاز الأمران. راجع شروح "الخلاصة" فِي "باب العدد".
قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: قوله: "بُني الإسلام": يريد أنه لابدّ منْ اجتماع هذه الأمور الخمسة؛ ليكون الإسلام سالمًا عن خطر الزوال، وكلّما زال واحد منْ هذه الأمور يُخاف زوال الإسلام بتمامه، وللتنبيه عَلَى هَذَا المعنى أتى بلفظ البناء، وفيه تشبيه الإسلام ببيت مخمّسة زواياه، وتلك الزوايا أجزاؤه، فبوجودها أجمع يكون البيت سالمًا، وعند زوال واحد يُخاف على تمام البيت، وإن كَانَ قد يبقى معيبًا أيامًا. والله تعالى أعلم. انتهى.
وَقَالَ أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: يعني أن هذه الخمس أساس دين الإسلام، وقواعده عليها تُبنى، وبها تقوم، وإنما خصّ هذه بالذكر، ولم يذكر معها الجهاد، مع أنه به ظهر الدين، وانقمع به عُتاة الكافرين؛ لأن هذه الخمس فرض دائم عَلَى الأعيان، ولا تسقط عمن اتّصف بشروط ذلك، والجهاد منْ فروض الكفايات، وَقَدْ يسقط فِي بعض الأوقات، بل وَقَدْ صار جماعة كثيرةٌ إلى أن فرض الجهاد قد سقط بعد فتح مكة، وذُكر أنه مذهب ابن عمر، والثوريّ، وابن سيرين، ونحوه لسحنون منْ