للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ماجه، منْ حديث بُريدة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها، فقد كفر"، وصححه الترمذيّ، وغيره.

ومن خالف فِي ذلك جعل الكفر هنا غير ناقل عن الملّة، كما فِي قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤].

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا القول هو الراجح، كما تقدّم تحقيقه بدلائله فِي "كتاب الصلاة"، وحاصله أن تارك الصلاة كافر كما أطلق عليه الشارع ذلك، ولكن كفره كفر دون كفر، فلا يكون بذلك خارجًا عن الإسلام، إلا انضمّ إلى تركه الجحد، فراجع المسألة هناك تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

قَالَ: فأما بقيّة خصال الإسلام والإيمان، فلا يخرج العبد بتركها منْ الإسلام عند أهل السنّة والجماعة، وإنما خالف فِي ذلك الخوارج، ونحوهم، منْ أهل البدع.

قَالَ حذيفة -رضي الله عنه-: الإسلام ثمانية أسهم: الإسلام سهم، والصلاة سهم، والزكاة سهم، والحجّ سهم، ورمضان سهم، والجهاد سهم، والأمر بالمعروف سهم، والزكاة عن المنكر سهم، وَقَدْ خاب منْ لا سهم له. وروي مرفوعًا، والموقوف أصحّ.

فسائر خصال الإسلام الزائدة عَلَى أركانه الخمس، ودعائمه إذا زال شيء منها نقص البنيان، ولم ينهدم أصل البيان بذلك النقص.

وَقَدْ ضرب الله تعالى وسوله -صلى الله عليه وسلم- مَثَل الإيمان والإسلامِ بالنخلة، قَالَ الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: ٢٣ - ٢٤].

فالكلمة الطيّبة هي كلمة التوحيد، وهي أساس الإسلام، وهي جارية عَلَى لسان المؤمن، وثبوت أصلها هو ثبوت التصديق بها فِي قلب المؤمن، وارتفاع فرعها فِي السماء هو علوّ هذه الكلمة، وبُسُوقها، وأنها تخرق الحجب، ولا تتناهى دون العرش، وإتيانها أكلها كلّ حين: هو ما يُرفع بسببها للمؤمن كلّ حين منْ القول الطيب، والعمل الصالح، فهو ثمرتها. وجعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مثل المؤمن، أو المسلم كمثل النخلة. وَقَالَ طاوس: مثل الإسلام كشجرة أصلها الشهادة، وساقها كذا وكذا، وورقها كذا وكذا، وثمرها الورع، ولا خير فِي شجرة لا ثمر لها، ولا خير فِي إنسان لا ورع فيه.

ومعلوم أن ما دخل فِي مسمّى الشجرة والنخلة منْ فروعها، وأغصانها، وورقها، وثمرها، إذا ذهب شيء منه لم يذهب عن الشجرة اسمها، ولكن يقال: هى شجرة ناقصة، وغيرها أكمل منها، فإن قُطع أصلها، وسقطت لم تبق شجرة، وإنما تصير حطبًا، فكذلك الإيمان والإسلام إذا زال منه بعض ما يدخل فِي مسمّاه مع بقاء أركان