للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن حياءه يدعوه إلى أن يعمل بمقتضى إيمانه، ويتجنب ما يناقضه. (ومنها): ما قاله الحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى: فِي قوله: "أعلاها قول إله إلا الله": ما يَستدلّ به منْ يقول: إن هذه الكلمة أفضل الكلام مطلقًا، وإنها أفضل منْ كلمة الحمد، وفي ذلك اختلاف، ذكره ابن عبد البرّ، وغيره. انتهى. (ومنها): أن فِي قوله: "أعلاها لا إله الا الله، وأدناها إماطة الأذي عن الطريق": إشارةً إلى أن مراتبها متفاوتة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فِي اختلاف الحفّاظ فِي إسناد هَذَا الْحَدِيث:

قَالَ الحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى بعد أن أورد رواية البخاريّ بلفظ: "الإيمان بضع وستون شعبة": ما نصّه: وخرّجه مسلم منْ هَذَا الوجه، ولفظه: "بضع وسبعون". وخرّجه مسلم أيضًا منْ رواية جرير، عن سُهيل، عن عبد الله بن دينار به، وَقَالَ فِي حديثه: "بضع وسبعون، أو بضع وستون" بالشك، وهذا الشكّ منْ سُهيل، كذا جاء مصرّحًا به فِي "صحيح ابن حبّان"، وغيره. وخرّجه مسلم أيضًا منْ حديث ابن الهاد، عن عبد الله بن دينار به، وَقَالَ فِي حديثه: "الإيمان سبعون، أو اثنان وسبعون بابًا" (١). ورواه ابن عجلان، عن عبد الله بن دينار، وَقَالَ: "ستون، أو سبعون". ورُوي عنه أنه قَالَ فِي حديثه: "ستون، أو سبعون، أو بضع وأحد منْ العددين"، أخرجه ابن أبي شيبة فِي "الإيمان" ٦٧ ومن طريقه ابن ماجه ٥٧. ورُوي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه بهذا اللفظ أيضًا. أخرجه ابن منده فِي "الإيمان" ١/ ٢٩٦. وروي عنه بلفظ آخر، وهو: "الإيمان تسعة، أو سبعة وسبعون شعبة". وخرجه الترمذيّ منْ رواية عُمارة بن غَزِيّة، وَقَالَ فيه: "الإيمان أربعة وسبعون بابًا". وَقَدْ رُوي عن عمارة بن غزيّة، عن سُهيل، عن أبيه، وسهيل لم يسمعه منْ أبيه، إنما رواه عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح. فمدار الْحَدِيث عَلَى عبد الله بن دينار، لا يصحّ عن غيره.

وَقَدْ ذكر العيقليّ أن أصحاب عبد الله بن دينار عَلَى ثلاث طبقات: أثبات، كمالك، وشعبة، وسفيان بن عيينة. ومشايخ: كسهيل، ويزيد بن الهاد، وابن عجلان. قَالَ: وفي رواياتهم عن عبد الله بن دينار اضطراب، وَقَالَ: إن هَذَا الْحَدِيث لم يُتابع هؤلاء المشايخ عليه أحد منْ الأثبات عن عبد الله بن دينار، ولا تابع عبد الله بن دينار، عن أبي صالح عليه أحد. والطبقة الثالثة: الضعفاء، فيروون عن عبد الله بن دينار المناكير،


(١) هكذا نصّ ابن رَجَب، وعلق عليه المحقق، فَقَالَ: بهذا الطريق أخرجه ابن منده فِي "الإيمان" ١/ ٢٩٦ ولم نجده فِي مسلم منْ المطبوع، ولا عزاه فِي "التحفة" إليه منْ هَذَا الطريق، فإن لم يكن فِي بعض نسخ "صحيح مسلم"، فلعله وهم منْ المصنّف رحمه الله تعالى. انتهى. ١/ ٣٠.