للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

استدلال أبي سعيد -رضي الله عنه- عَلَى ما قاله، وللآية المذكورة أيضًا وجهٌ، وذلك لأن الله تعالى ذكر أنه يغفر ما دون الشرك، فمن عرف أنه سبحانه وتعالى يغفر جميع الذنوب كبيرها، وصغيرها، غير الشرك، لا يستبعد ما ذُكر فِي هَذَا الْحَدِيث منْ شفاعة المؤمنين لإخوانهم، وإخراجهم لهم منْ النار، وإن كانوا ليست لهم أعمال صالحة، بل هم أصحاب كبائر، بحيث تكون أعمالهم الصالحة لقلّتها بمقدار وزن ذرّة. والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- هَذَا اختصره المصنّف رحمه الله تعالى، وهو حديث طويل ساقه الشيخان فِي "صحيحيهما" بطوله، وهذا لفظ البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "كتاب التوحيد":

حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدريّ، قَالَ: قلنا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قَالَ: هل تضارون فِي رؤية الشمس والقمر، إذا كانت صحوا؟ قلنا: لا، قَالَ: "فإنكم لا تضارون فِي رؤية ربكم يومئذ، إلا كما تضارون فِي رؤيتهما ثم قَالَ: "ينادي مناد، ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، حَتَّى يبقى منْ كَانَ يعبد الله منْ بر أو فاجر، وغُبَّرات منْ أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم، تعرض كأنها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؛ قالوا: كنا نعبد عزيرًا ابن الله، فيقال: كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون فِي جهنم، ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون فِي جهنم، حَتَّى يبقى منْ كَانَ يعبد الله، منْ بَرّ، أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم؟ وَقَدْ ذهب النَّاس فيقولون: فارقناهم، ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربنا، قَالَ: فيأتيهم الجبار فِي صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟، فيقولون: الساق فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى منْ كَانَ يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد، فيعود ظهره طبقا واحدا، ثم يؤتى بالجسر، فيجعل بين ظهري جهنم، قلنا: يا رسول الله، وما الجسر؟ قَالَ: "مَدْحَضَة، مَزَلَّة، عليه خَطاطيف، وكلاليب، وحَسَكة مُفَلْطَحَةٍ، لها شوكة عُقَيفاء، تكون بنجد،