هو الإيمان بعينه، وأجاب عن قوله تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} الآية [آل عمران: ١٩] أن بعض الدين الإسلام، وهذا بعيدٌ. وأما منْ قَالَ: إن كلّا منْ الإسلام والإيمان إذا أُطلقا مجرّدًا دخل الآخر فيه، وإنما يفرّق بينهما عند الجمع بينهما، وهو الأظهر، فالدين هو مسمّى كل واحد منهما عند إطلاقه، وأما عند اقترانه بالآخر فالدين أخصّ باسم الإسلام، لأن الإسلام هو الاستسلام، والخضوع، والانقياد، وكذلك الدين يقال: دانه يدينه: إذا قهره، ودان له: إذا استسلم له، وخضع، وانقاد، ولهذا سمّى الله الإسلام دينًا، فَقَالَ:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}[آل عمران: ١٩]، وَقَالَ:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} الآية [آل عمران: ٨٥]، وَقَالَ:{وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣]. انتهى كلام إبن رَجَب فِي "شرح البخاريّ" ١/ ٩٨ - ٩٩. وَقَدْ تقدّم بيان هَذَا كلّه فِي أوائل "كتاب الإيمان"، فلا تنس نصيبك منه، الله يتولّى هداك.
(ومنها): ما قاله فِي "الفتح" أن هَذَا منْ أمثلة ما يُحمَد فِي المنام، ويُذَمّ فِي اليقظة شرعًا، أعني جر القميص؛ لما ثبت منْ الوعيد فِي تطويله، وعكس هَذَا ما يُذَمّ فِي المنام، ويُحمَد فِي اليقظة.
(ومنها): أن فيه مشروعيةَ تعبير الرؤيا، وسؤال العالم بها عن تعبيرها، ولو كَانَ هو الرائي. (ومنها): أن فيه الثناء عَلَى الفاضل بما فيه؛ لأظهار منزلته عند السامعين، ولا يخفى أن محل ذلك إذا أُمِن عليه منْ الفتنة بالمدح، كالإعجاب. (ومنها): أن بيانَ فيه فضيلةِ عُمَر -رضي الله عنه-.
(ومنها): ما قاله ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى: يؤخذ منْ الْحَدِيث أن كل ما يُرى فِي القميص، منْ حسن، أو غيره، فإنه يعبر بدين لابسه قَالَ: والنكتة فِي القميص أنّ لابسه، إذا اختار نزعه، وإذا اختار أبقاه، فلما ألبس الله المومنين لباس الإيمان، واتصفوا به كَانَ الكامل فِي ذلك سابغ الثوب، ومن لا فلا، وَقَدْ يكون نقص الثوب بسبب نقص الإيمان، وَقَدْ يكون بسبب نقص العمل. والله أعلم.
وَقَالَ غيره: القميص فِي الدنيا ستر عورة، فما زاد عَلَى ذلك كَانَ مذموما، وفي الآخرة زينة محضة، فناسب أن يكون تعبيره بحسب هيئته، منْ زيادة، أو نقص، ومن حسن وضده، فمهما زاد منْ ذلك، كَانَ منْ فضل لابسه، وينسب لكل ما يليق به منْ دين، أو علم، أو جمال، أو حلم، أو تقدّم فِي فئة، وضِدُّهُ لضده. قاله فِي "الفتح" ١٤/ ٤٢٨. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.