قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، غير شيخه أبي داود سليمان بن سيف الحرّانيّ، فإنه منْ أفراده، وهو حافظ ثقة. و"جعفر بن عون": هو أبو عون الكوفيّ، صدوقٌ [٩]. و"أبو عُميس": هو عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفيّ الثقة [٧]. وقيس، وطارق تقدّما فِي الباب الماضي.
وقوله:"لاتخذنا ذلك اليوم": أي يوم نزول الآية. وقوله:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣]: فيه نسبة الإكمال للدين، وأخذ منه المصنّف رحمه الله تعالى القول بزيادة الإيمان، قَالَ السنديّ: وفيه خفاء.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد سبقه إلى الاستدلال عَلَى زيادة الإيمان ونقصانه بهذه الآية الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى، فَقَالَ فِي "صحيحه": "باب زيادة الإيمان ونقصانه"، وَقَالَ الله تعالى:{وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}[الكهف: ١٣]، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}[المدثّر: ٣١]، وَقَالَ:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣]، فإذا ترك شيئا منْ الكمال، فهو ناقص. انتهى.
قَالَ فِي "الفتح": ووقع الاستدلال فِي هذه الآية بنظير ما أشار إليه البخاريّ لسفيان ابن عيينة، أخرجه أبو نعيم فِي ترجمته، منْ "الحلية"، منْ طريق عمرو بن عثمان الرَّقّيّ، قَالَ: قيل لابن عيينة: إن قوما يقولون: الإيمان كلام، فَقَالَ: كَانَ هَذَا قبل أن تنزل الأحكام، فأُمر النَّاس أن يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا دماءهم، وأموالهم، فلما عَلِم الله صدقهم، أمرهم بالصلاة، ففعلوا، ولو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار، فذكر الأركان إلى أن قَالَ، فلما علم الله ما تتابع عليهم منْ الفرائض، وقبولهم، قَالَ:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية [المائدة: ٣]، فمن ترك شيئا منْ ذلك كَسَلا، أو مُجُونا أدّبناه عليه، وكان ناقص الإيمان، ومن تركها جاحدا كَانَ كافرا. انتهى ملخصا.
وتبعه أبو عبيد فِي "كتاب الإيمان له"، فذكر نحوه، وزاد أن بعض المخالفين لما أُلْزِم بذلك، أجاب بأن الإيمان ليس هو مجموع الدين، إنما الدين ثلاثة أجزاء، الإيمان