(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان أن حبّ الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- علامة عَلَى كمال إيمان العبد. (ومنها): ما قاله فِي "الفتح": فِي هَذَا الْحَدِيث إيماء إلى فضيلة التفكر، فإن الأحبية المذكورة تعرف به، وذلك أن محبوب الإنسان: إما نفسه، وإما غيرها، أما نفسه فهو أن يريد دوام بقائها، سالمة منْ الآفات، وهذا هو حقيقة المطلوب، وأما غيرها فإذا حقق الأمر فيه، فإنما هو بسبب تحصيل نفع ما عَلَى وجوهه المختلفة، حالاً ومآلاً، فإذا تأمل النفع الحاصل له منْ جهة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، الذي أخرجه منْ ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، إما بالمباشرة، وإما بالسبب، علم أنه سبب بقاء نفسه، البقاءَ الأبدي فِي النعيم السرمدي، وعَلِم أن نفعه بذلك أعظم منْ جميع وجوه الانتفاعات، فاستحق لذلك أن يكون حظه منْ محبته أوفر منْ غيره؛ لأن النفع الذي يُثير المحبّة حاصل منه أكثر منْ غيره، ولكن النَّاس يتفاوتون فِي ذلك، بحسب استحضار ذلك، والغفلة عنه، ولا شك أن حظ الصحابة رضي الله عنهم، منْ هَذَا المعنى أتم؛ لأن هَذَا ثمرة المعرفة، وهم بها أعلم. وبالله تعالى التوفيق، انتهى "فتح" ١/ ٨٦.
(ومنها): ما قاله الحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى: يجب تقديم محبّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- عَلَى النفوس، والأولاد، والأقارب، والأهلين، والأموال، والمساكن، وغير ذلك مما يُحبّه الإنسان غاية المحبّة، وإنما تتم المحبّة بالطاعة، كما قَالَ تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} الآية [آل عمران: ٣١]. وسُئل بعضهم عن المحبّة، فَقَالَ: الموافقة فِي جميع الأحوال. فعلامة تقديم محبّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- عَلَى محبّة كلّ مخلوق أنه إذا تعارضت طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فِي أوامره، وداع آخر يدعو إلى غيرها منْ هذه الأشياء المحبوبة، فإن قدّم طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وامتثال أوامره عَلَى ذلك الداعي، كَانَ دليلا عَلَى صحة محبّته للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وتقديمها عَلَى كلّ شيء، وإن قدّم عَلَى طاعته، وامتثال أوامره شيئًا منْ هذه الأشياء المحبوبة طبعًا، دلّ ذلك عَلَى عدم إتيانه