وأما الجواب عن حديث علي، وصفوان رضي الله عنهما فهو أنه محمول على نوم غير الممكن، وهذا يتعين المصير إليه للجمع بين الأحاديث الصحيحة. وأما قياسهم على الإغماء فالفرق ظاهر؛ لأن المغمى عليه ذاهب العقل لا يحيى بشيء أصلا، والنائم يحس، ولهذا إذا صيح به تنبه.
واحتج من قال ينقض كثير النوم كيف كان دون قليله بحديث أنس رضي الله عنه:"أنهم كانوا ينامون، فتخفق رؤوسهم" وهذا يكون في النوم القليل، ولأنه مع الاستثقال يغلب خروج الخارج بخلاف القليل. واحتج أصحابنا بالأحاديث السابقة وليس فيها فرق بين القليل والكثير، والجواب عن حديث أنس أنا قد بينا أنه حجة لنا وليس فيه فرق بين قليله وكثيره، ودعواهم أن خفق الرؤوس إنما يكون في القليل لا يقبل، وأما المعنى الذي ذكروه فلا نسلمه؛ لأن النوم إمّا أن يجعل حدثًا في عينه كالإغماء، وهم لا يقولون به، وإما دليلا على الخارج، وحينئذ إنما تظهر دلالته إذا لم يكن المحل ممكنا، وأما المتمكن فيبعد خروجه منه، ولا يحيى به، فلا ينتقض بالوهم.
واحتج من قال لا ينقض النوم على هيئة من هيئآت الصلاة بما رواه أبو خالد الدّالاني عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنما الوضوء على من نام مضطجعا فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله" وبحديث حذيفة الذي قدمناه أنه نام جالسا فقال يا رسول الله أمن هذا وضوء؟ قال:"لا حتى تضع جنبك على الأرض".
واحتج أصحابنا بالأحاديث الصحيحة السابقة كحديث علي، وصفوان وغيرهما من غير تعرض لهذا الفرق الذي زعموه، ولا أصل له، ولأنه نام غير ممكن مقعده من الأرض فأشبه المضطجع، ولأنا اتفقنا