للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نحن وهم على أن النوم ليس حدثا في عينه، وإنما هو دليل للخارج، فضبطناه نحن بضابط صحيح جاءت به السنة، ومناسبته ظاهرة، وضبطوه بما لا أصل، ولا معنى، يقتضيه، فإن الساجد والراكع كالمضطجع، ولا فرق بينهما في خروج الخارج.

وأما حديث الدَّالاني فجوابه أنه حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث، وممن صرح بضعفه من المتقدمين أحمد بن حنبل، والبخاري، وأبو داود، قال أبو داود، وإبراهيم الحربي: هو حديث منكر، ونقل إمام الحرمين في كتابه الأساليب إجماع أهل الحديث على ضعفه، وهو كما قال، والضعف عليه بين. وأجاب أصحابنا عنه بأجوبة وتأولوه تأويلات لا حاجة إليها مع الاتفاق على ضعفه، فإنه لا يلزم الجواب عما ليس بدليل. وأما حديث حذيفة فضعيف أيضا كما سبق بيانه قريبا.

واحتج من قال: لا ينتقض وضوء النائم في الصلاة كيف كان بحديث المباهاة وهو ما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا نام العبد في صلاته باهى الله به ملائكته يقول انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده ساجد بين يدي". ولأن الحاجة تدعوا إليه، ولا يمكن لمتهجد ونحوه الاحتراز منه إلا بعسر، فعفي عنه كما عفي عن أشياء كثيرة في الصلاة للحاجة.

واحتج أصحابنا بما احتجوا به على القائلين: لا ينقض النوم على هيئة المصلي، وأجابوا عن حديث المباهاة بالاتفاق على ضعفه، (١) ولو صح لكان تسميته ساجدا باسم ما كان عليه فمدحه على مكابدة العبادة.

وأما المعنى الذي ذكروه فلا يقبل لأن الأحداث لا تثبت إلا توقيفا، وكذا العفو عنها، فحصل في هذه المسألة جمل من الأحاديث جمعنا


(١) وقد أشبع الحافظ الكلام في تضعيف حديث المباهاة في التلخيص ج ١ ص ١٢٠ بما لا مزيد عليه فارجع إليه.