زرّ، وأن صحَابيةُ أحد الخلفاء الأربعة، والعشرة المبشّرين بالجنة، وابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وزوج ابنته رضي الله تعالى عنهم أجمعين. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ زِرّ) بن حُبيش رحمه الله تعالى، أنه (قَالَ: قَالَ عَلِيّ) بن أبي طالب -رضي الله عنه- (إِنَّهُ) الضمير للشأن، وهو الضمير الذي تفسّره جملة بعده: أي إن الأمر والشأن (لَعَهْدُ) بفتح، فسكون: الميثاق، وهو أيضًا الوصيّة، يقال: عهد إليه يعهَدُ، منْ باب تعِبَ: إذا أوصاه. قاله الفيّوميّ.
وفي رواية مسلم منْ طريق أبي معاوية عن الأعمش:"والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إليّ … " الْحَدِيث. ومعنى "فلق الحبّة": أي شقّها بالنبات. ومعنى "برأ النسمة" بالهمزة: أي خلق النسمة، وهي بفتح النون والسين: الإنسان، وقيل: النفس،، وحكى الأزهريّ: أن النسمة: هي النفس، وأن كلّ دابّة فِي جوفها روحٌ، فهي نسمة. قاله النوويّ فِي "شرح مسلم" ٢/ ٦٤ - ٦٥.
(النَّبِيِّ الأُمِّيِّ -صلى الله عليه وسلم-) قَالَ القرطبيّ: "الأمي": هو الذي لا يكتب، كما قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "إنا أمة أميّةٌ، لا نكتُبُ، ولا نحسُبُ"، متَّفقٌ عليه، وهو منسوبٌ الى الأمّ؛ لأنه باق عَلَى أصل ولادتها، إذ لم يتعلّم كتابةً، ولا حسابًا. وقيل: يُنسب إلى معظم أمة العرب، إذ الكتابة فيهم نادرةٌ، وهذا الوصف منْ الأوصاف التي جعلها الله تعالى منْ أوصاف كمال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومدحه بها، وإنما كَانَ وصف نقص فِي غيره؛ لأن الكتابة، والدراسة، والدربة عَلَى ذلك هي الطريق الموصلة إلى العلوم التي بها تشرف نفس الإنسان، ويعظُم قدرها عادةً، فلما خصّ الله تعالى محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بعلوم الأولين والآخرين منْ غير كتابة، ولا مدارسة، كَانَ ذلك خارقًا للعادة فِي حقّه، ومن أوصافه الخاصّة به الدّالّة عَلَى صدقه التي نُعت بها فِي الكتب القديمة، وعُرف بها فِي الأمم السابقة، كما قَالَ الله تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ} الآية [الأعراف: ١٥٧]، فقد صارت الأمية فِي حقه منْ أعظم معجزاته، وأجلّ كراماته، وهي فِي حقّ غيره نقص ظاهر، وعجزٌ حاضر، فسبحان الذي صيّر نقصنا فِي حقّه كمالاً، وزاده تشريفًا وجلالاً. انتهى "المفهم" ١/ ٢٦٧. وقوله:(إِلَيَّ) متعلّق بـ"عهد"(أَنَّهُ) الضمير للأمر والشأن، كما سبق آنفاً (لَا) نافية، ولذا رفع قوله (يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ) أي حبّا لائقًا بمنصبه، لا عَلَى وجه الإفراط، فإن الخروج عن الحدّ غير مطلوب، وليس منْ علامات الإيمان، بل قد يؤدّي إلى الكفر، فإن قومًا قد خرجوا عن الإيمان بالإفراط فِي حبه -رضي الله عنه-، كما أفرط قوم فِي حبّ عيسى -عليه السلام-، فخرجوا عن الإيمان