رضي الله عنهما، قَالَ: إن أول جمعة جُمِّعَت بعد جمعة فِي مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فِي مسجد عبد القيس بِجُوَاثَى، منْ البحرين"، وجُواثى -بضم الجيم، وبعد الألف مثلثة مفتوحة- وهي قرية شهيرة لهم، وإنما جَمَّعُوا بعد رجوع وفدهم إليهم، فدل عَلَى أنهم سبقوا جميع القرى إلى الإسلام. قاله فِي "الفتح" ١/ ١٧٩ - ١٨٠.
(فَمُرْنَا بِشَيْءٍ) وفي رواية الشيخين: "فمرنا بأمر فصل، نخبر به منْ وراءنا، وندخل به الجنّة".
فقوله: "بأمرٍ فصلٍ" بالتنوين فيهما، لا بالإضافة، والأمر واحد الأوامر: أي مُرْنا بعمل بواسطة "افعلوا"، ولهذا قَالَ الراوي: "أمرهم"، وفي رواية للبخاريّ: قَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "آمركم"، وله أيضًا: بصيغة افعلوا، والفصل بمعنى الفاصل، كالعدل بمعنى العادل: أي يفصل بين الحق والباطل، أو بمعنى الْمُفَضَّل: أي المبين المكشوف، حكاه الطيبي. وَقَالَ الخطّابيّ: الفصل: البَيِّن، وقيل: المحكم.
(نَأْخُذُهُ عَنْكَ) بالرفع عَلَى أن الجملة فِي محل جرّ صفة لـ"شيء"، وكذا قوله:(وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ) بفتح الميم، موصولة، وفي رواية لمسلم بكسر الميم، وعليه فهي حرف جرّ، وقوله:(وَرَاءَنَا) منصوب عَلَى الظرفية، صلة "منْ": أي ندعو قومنا الذين بَقُوا وراءنا فِي بلدنا إلى هَذَا الشيء الذي تأمرنا به. وفي رواية قرّة المذكورة: "فحدّثنا بأمر، إن عمِلنا به دخلنا الجنّة، وندعو إليه منْ وراءنا".
(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ) أي أربع خصال، أو أربع جُمَل، وهذا جواب لقولهم "فمرنا بشيء", وقوله:(وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ) جواب لسؤالهم عن الأشربة، ففي رواية البخاريّ بعد قوله: "نخبر به منْ وراءنا، وندخل به الجنة": "وسألوه عن الأشربة".
(الإِيمَانُ بِاللَّهِ) بالجرّ بدلاً عن أمر: أى آمركم بالإيمان بالله، ويحتمل الرفع خبرًا لمحذوف: أي هي الإيمان بالله، والنصب عَلَى أنه مفعول لفعل مقدّر: أي أقصد الإيمان بالله.
(ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ) أي بيّن الأربع التي أمر الوفد بها بقوله: (شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ) برفع "شهادة" على أنه خبر لمحذوف: أي هي شهادة الخ (وَإِقَامُ الصَّلَاةِ, وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ) زاد فِي رواية الشيخين: "وصيام رمضان" (وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَيَّ خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ) وفي رواية البخاريّ: "وأن تعطوا منْ المغنم الخمس".