يَدَعُونه حَتَّى يهدر، ثم يموت، وأما الحنتم، فجِرَار، كانت تحمل إلينا فيها الخمر، وأما المزفت، فهذه الأوعية التي فيها الزِّفْت. انتهى، وإسناده حسن، وتفسير الصحابيّ أولى أن يُعتَمد عليه منْ غيره؛ لأنه أعلم بالمراد.
ومعنى النهي عن الانتباذ فِي هذه الأوعية بخصوصها؛ لأنه يسرع فيها الإسكار، فربما شرب منها منْ لا يشعر بذلك، ثم ثبتت الرخصة فِي الانتباذ فِي كل وعاء، مع النهي عن شرب كل مسكر، كما سيأتي فِي كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى.
زاد فِي رواية الشيخين:"وَقَالَ: احفظوهنّ، وأخبروا بهنّ منْ وراءكم". وقوله:"وأخبروا بهن مَن وراءكم": بفتح "منْ"، وهي موصولة، و"وراءكم": يشمل مَن جاءوا منْ عندهم، وهذا باعتبار المكان، ويشمل منْ يحدُث لهم منْ الأولاد، وغيرهم، وهذا باعتبار الزمان، فيحتمل إعمالها فِي المعنيين معا، حقيقة ومجازا. قاله فِي "الفتح" ١/ ١٨٠ - ١٨٣. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان كون أداء الخمس منْ شعب الإيمان. (ومنها): مشروعيّة وفادة الرؤساء إلى الأئمة عند الأمور المهمة. (ومنها): ما استنبطه ابن التين رحمه الله تعالى منْ قول ابن عبّاس رضي الله تعالى
(١) ليس المراد فوائد سياق المصنّف فقط، بل فوائد الْحَدِيث برواياته المتنوّعة المذكورة فِي الشرح، فتنبّه.