للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هَذَا الإسناد:

(منها): أنه منْ خماسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أن فيه أبا هريرة -رضي الله عنه- منْ المكثرين السبعة، روى (٥٣٧٤) حديثا. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) رضي الله تعالى عنه، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ) بضم المثنّاة التحتانيّة، وسكون السين المهملة-: ضدّ العسر، أي إن دين الإسلام ذو يسر، أو سُمي الدين يسرا؛ مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله؛ لأن الله تعالى رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كَانَ عَلَى منْ قبلهم، ومن أوضح الأمثلة له أن توبتهم كانت بقتل أنفسهم، وتوبة هذه الأمة بالإقلاع، والعزم، والندم. قاله فِي "الفتح" ١/ ١٣٠.

(وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ) وفي رواية البخاريّ: "ولن يشاد الدين إلا غلبة"، بحذف الفاعل، قَالَ فِي "الفتح": هكذا فِي روايتنا بإضمار الفاعل، وثبت فِي رواية ابن السكن، وفي بعض الروايات عن الأصيلي بلفظ: "ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"، وكذا هو فِي طرق هذ! الْحَدِيث عند الإسماعيلي، وأبي نعيم، وابن حبّان، وغيرهم.

و"الدين": منصوب عَلَى المفعولية، وكذا فِي روايتنا أيضًا، وأضمر الفاعل للعلم به، وحَكَى صاحب "المطالع" أن اكثر الروايات برفع "الدين" عَلَى أن "يُشاد" مبني لما لم يسم فاعله، وعارضه النوويّ بأن أكثر الروايات بالنصب، ويجمع بين كلاميهما، بأنه بالنسبة إلى روايات المغاربة والمشارقة، ويؤيد النصب لفظ حديث بُريدة -رضي الله عنه- عند أحمد: "إنه منْ شاد هَذَا الدين يغلبه"، ذكره فِي حديث آخر، يصلح أن يكون هو سبب حديث الباب، والمُشَادّة بالتشديد: المغالبة، يقال: شادّه يُشادّه مُشادّة: إذا قاواه.

والمعنى لا يتعمق أحد فِي الأعمال الدينية، ويترك الرفق إلا عجز، وانقطع، فيُغلَب.

وَقَالَ الحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى: معنى الْحَدِيث النهي عن التشدّد فِي الدين، بأن يحمِل الإنسان نفسه منْ العبادة ما لا يحتمله، إلا بكلفة شديدة، وهذا هو المراد بقوله: "لن يُشادّ الدين أحد إلا غلبه": يعني أن الدين لا يؤخذ بالمغالبة، فمن شادّ الدين غلبه، وقطعه. وفي "مسند الإمام أحمد" عن مِحجن بن الأدرع -رضي الله عنه-، قَالَ: أقبلت مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى إذا كنا بباب المسجد إذا رجلٌ يُصلي، قَالَ: "أتقوله صادقًا؟ "، قلت: يا نبيّ الله هَذَا فلان، وهذا منْ أحسن أهل المدينة، أو منْ أكثر أهل المدينة